أقيمت الدورة الثالثة للمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية عبر الفيديو، بمشاركة أكثر من 20 خبيراً وباحثاً من الصين والدول العربية، بهدف تبادل الأفكار والآراء حول سبل تعزيز التنمية المشتركة بين الجانبين وتعزيز تكامل استراتيجيات التنمية في إطار مبادرة التنمية العالمية.
ونظمت وزارة الخارجية الصينية هذا المنتدى بالتعاون مع مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية.
وناقش المشاركون في المنتدى محوري “تعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات الإنمائية، والعمل سوياً على دفع مبادرة التنمية العالمية” و”الالتزام بالتنمية المدفوعة بالابتكار، وتحقيق تنمية قوية وخضراء وسليمة” بشكل معمق.
وقال المبعوث الخاص للحكومة الصينية لقضايا الشرق الأوسط تشاي جيون إن “مبادرة التنمية العالمية هي مبادرة مهمة أخرى طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ بعد مبادرة “الحزام والطريق”، تؤكد على ضرورة تركيز اهتمام المجتمع الدولي بقضية التنمية، وتعزيز علاقات الشراكة التنموية العالمية، لدفع التنمية العالمية إلى مستوى جديد متوازن ومنسق وشامل، فضلاً عن تقديم الحلول والحكمة الصينية للإسراع في تحقيق أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة”.
وخلال حديثه عن ثمار التعاون في مختلف المجالات بين الصين والبلدان العربية، أشار تشاي إلى أن “الصين ظلت أكبر شريك تجاري للدول العربية على مدار السنوات الماضية، حيث يقترب حجم التبادل التجاري بين الجانبين من 330 مليار دولار أمريكي في العام الماضي، بزيادة نسبتها 37 بالمائة على أساس سنوي”.
وقال: “إن التعاون الصيني العربي قطع في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في مجالات تقليدية منها الطاقة، والبنية التحتية، والطاقة الإنتاجية والمالية، وأيضاً في مجالات غير تقليدية مثل الاقتصاد الرقمي، والجيل الخامس، والفضاء، والأقمار الصناعية، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبرى.
إن الجانبين الصيني والعربي يعملان حالياً على التحضير للقمة الصينية العربية الأولى المرتقبة، ما يوجب على الجانبين استغلال هذه الفرصة السانحة لبناء توافق في الآراء حول التنمية، وتحقيق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، والتمسك بالتنمية المدفوعة بالابتكار والتنمية الخضراء، وذلك بغية تنفيذ مبادرة التنمية العالمية بخطوات ملموسة، ودفع إقامة مجتمع المستقبل المشترك الصيني العربي المتجه نحو العصر الجديد”.
من جهته، قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية خليل الذوادي إن “المنتدى يسهم بدوره في تعزيز العلاقات المتميزة في كافة المجالات بين الدول العربية والصين”، معرباً عن “تقدير الأمانة العامة لجامعة الدول العربية للمساعي الصينية في المساهمة في جهود التنمية، من خلال مبادرة التنمية العالمية، للدفع بالتعاون نحو تسريع تنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 وحشد الجهود لمواجهة التحديات التنموية بشكل مشترك”.
وأشاد الخبراء والباحثون المشاركون في المنتدى بمبادرة التنمية العالمية، مؤكدين على أهمية دورها في دفع عودة قضية التنمية إلى جدول الأعمال الأساسي الدولي، وتماشيها مع الإرادة والمساعي الصينية والعربية في السعي نحو السلم وتحقيق التنمية ودفع التعاون، الأمر الذي يوجب على الجانبين العمل على تعزيز تكامل المزايا، وتعزيز التعاون العملي في الابتكار العلمي والتكنولوجي، والأمن الغذائي، ومكافحة التصحر، وتحلية مياه البحر، وتغير المناخ، والبحث في مجال اللقاحات وتطويرها، والاقتصاد الرقمي، والحد من الفقر، وغيرها من المجالات.
وتحدث رئيس الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية قاسم طفيلي في المنتدى عن دور التعاون الشعبي في دفع مسيرة التنمية ونقل مستوى العلاقات العربية الصينية مشدداً على ان “التحديات غير المسبوقة في تاريخ البشرية الحديث، تفرض مواجهة ومعالجات غير عادية من أن تعتبر مبادرة التنمية العالمية الشاملة (كما تفاعلت ولا تزال مع مبادرة الحزام والطريق) فرصة مهمة، لفتح آفاق متجددة، للاستفادة والتفاعل مع التجربة الصينية الرائدة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. لذلك فإن تعزيز الشراكة الاستراتيجية العربية الصينية، وتشارك المجتمعين العربي والصيني في النهوض والتنمية، يجب ان يكونا هدفين حاضرين، ليس فقط على مستوى الحكومات، بل يجب ان يشمل تفعيل العلاقات والتواصل كل المستويات الشعبية والمدنية، ولاسيما الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية والرياضية والثقافية والفنية وغيرها”.
وقال: “إن مروحة التعاون والتكامل المشتركين واسعة، ولاسيما في مجالات الحد من الفقر، ومكافحة الأوبئة، وتوفير مقومات الصحة والوقاية، إضافة إلى العمل المشترك لتوفير الأمن الغذائي، من خلال التنمية الزراعية وتحديثها، ومواجهة نتائج تحولات المناخ، بحيث يجري الحفاظ على الموارد الطبيعية، ودفع عجلة الانتقال إلى اقتصاد أكثر اخضراراً وشمولاً وعدالة. ناهيك عن تعزيز التعاون العربي الصيني في مجال الطاقة المتجددة والبديلة، واجتراح أفضل الوسائل للاستفادة من الاقتصاد الرقمي، وتطوير اقتصاد المعرفة، وتعزيز التصنيع، وتشجيع الابتكارات ورعايتها، إضافة إلى تعزيز التعاون في مجالي المعلومات والاتصالات. وهو ما يتطلب بدوره تعزيز دور “المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا” مع تعزيز دوره هذه الفروع بالشراكة مع الجامعات ومعاهد التدريب والتأهيل المختلفة”.
وغني عن القول إن دور الشباب ودور المرأة في سياق ذلك كله محوري وأساسي، مع تشجيع الابتكارات ورعايتها، وتعزيز فرص العمل والدخل. كما تنبغي الإشارة إلى ضرورة إيلاء أهمية استثنائية لرعاية المشاريع الصغيرة، بما فيها المشاريع الهادفة إلى التصدير وتقديم المساعدات التقنية اللازمة، لاستفادة هؤلاء المصدرين من الفرص التي تشكلها السوق الصينية.
وفي هذا السياق تدعو الجمعية العربية الصينية إلى عقد مؤتمر للمنظمات العربية، تحت شعار “دور المنظمات المدنية العربية والشباب العربي في مبادرة التنمية العالمية”، وندعو جامعة الدول العربية إلى رعاية هذا المؤتمر الذي يمكن اعتباره محطة تحضيرية لـ “منتدى الشباب للتنمية العالمية” الذي دعا إلى تشكيله الرئيس شي جين بينغ.
كما أن المنظمات الشعبية العربية مدعوة إلى الاستفادة والتفاعل مع المنصة الدولية لتبادل المعارف والخبرات حول التنمية والحوكمة والإدارة، وهي المنصة التي سوف تقوم الصين ببنائها. ومدعوة أيضاً إلى تنظيم متنوعة من ضمنها مخيمات شبابية عربية صينية مشتركة (عندما تسمح الظروف)، محورها التشارك وتبادل تجارب التنمية بين الجانبين، والقيام بمبادرات تطوعية مشتركة على هذا الصعيد.