كل هذه التطورات الايجابية عطلتها الطبقة السياسية ،لأن الشرط الوحيد لكل الداعمين “شكلوا الحكومة لتصل المساعدات وتوقع الاتفاقيات وتقر الإصلاحات ” “لكن المسؤولين اللبنانيين يقابلون الايجابية الدولية بالنكايات والاحقاد والفتن والاجواء السلبية والتعطيل من أجل حصص ومكاسب على حساب لقمة عيش اللبنانيين وصحتهم ومدارس أولادهم واذلالهم أمام المحطات، وحسب المعلومات فإن المشكلة اكبر من حكومة ووزير من هنا ووزير من هناك، بل تتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية في تشرين الأول 2022 ، والنيابية في 8 أيار بينما تشير المعلومات الى توجه لتأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية لمدة سنة رغم اصرار الرئيس حسان دياب على ترك هذا الملف للحكومة التي سيشكلها الرئيس ميقاتي وتحمل تداعيات قرار التأجيل وإعلان المواعيد رسميا. وتؤكد المصادر انه بالتزامن مع أجواء البلد الماساوية يستعد الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع إلى فتح معركة رئاسة الجمهورية قبل سنة وشهر واسقاط عون في الشارع من قبل الحريري وتقصير الولاية من قبل جعجع او انتخاب رئيس الجمهورية الان وبقاء عون حتى انتهاء ولايته في 23 تشرين الثاني 2022. ويشير النائب في كتلة المستقبل محمد الحجار ل”الديار” ان الرئيس سعد الحريري طالب باستقالة عون وهناك خطوات تصعيدية من المستقبل في حال عدم تشكيل الحكومة من قبل عون وصهره المصرين على ثلث التعطيل، مؤكدا على حق تيار المستقبل القيام بما يراه مناسبا، لكننا لسنا أصحاب شارع، والرئيس عون لا يجب ان يبقى في بعبدا وعطل تشكيل 3 حكومات من مصطفى أديب إلى سعد الحريري واليوم حكومة ميقاتي وقال : لا كلام مع عون بعد اليوم ” ومن جرب المجرب كان عقلو مخرب” وهو لا يعرف الا مصلحة تياره وصهره. ولذلك فإن كل المؤشرات تؤكد انه في حال عدم تشكيل الحكومة خلال الأيام القادمة سيطالب الحريري وبقوة بإسقاط ميشال عون ويلاقيه الدكتور سمير جعجع في رغباته رغم “الكيمياء” المفقودة بين الرجلين لرفض الحريري إعلان موقف مؤيد َمن ترشيح جعجع لرئاسة الجمهورية، رغم ان مطلب إسقاط عون مستحيل لمعارضة البطريرك الراعي للخطوة مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي طبع علاقاته في الجبل مع التيار الوطني الحر والعلاقات” سمن وعسل ” خصوصا ان جنبلاط لم يتوان عن القول لجعجع شخصيا “ما بمشي فيك لرئاسة الجمهورية” وبعدها انقطع حبل الود بين جعجع وجنبلاط في مقابل لقاءات في الجبل بين الاشتراكي والتيار. فيما موقف حزب الله حاسم مع عون ولن يقبل المس بموقعه حتى نهاية ولايته.
وحسب مصادر متابعة لما يجري في لبنان حاليا من توترات ليست بالجديدة بل رافقت كل العهود منذ الاستقلال حتى الآن، فالسنوات الأخيرة من عهود رؤساء الجمهورية شهدت أحداثا جساما وثورات بيضاء وحمراء بدءا من بشارة الخوري إلى كميل شمعون وحتى فؤاد شهاب وشارل الحلو وصولا إلى سليمان فرنجية وبشير وامين الجميل، وكانت فترة الاستثناء رئيسا الحقبة السورية، الياس الهراوي واميل لحود وعادت نغمة التوترات والفراغ مع عهد َميشال سليمان، والمشهد يتقمص اليوم مع ميشال عون بخلافات كبرى يمكن وصفها بكسر عظم. وحسب المصاد، فإن الرئيسين بري والحريري وسليمان فرنجية يخوضون” ام المعارك ” ضد َميشال عون ويعملون لمحاصرته واسقاطه في آخر سنة من عهده وصولا لاضعاف جبران باسيل نياببا وقطع طريق بعبدا أمامه بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لادراكهم ان المتغيرات العربية والاقليمية والدولية تصب لصالح باسيل المدعوم من محور المقاومة، واول اتصال لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان كان مع الوزير جبران باسيل الذي لوح بالاستقالة من المجلس النيابي واتخاذ هذه الخطوة اذا استمر بري في حربه ضد العهد، فيما الدكتور جعجع يخوض معركة رئاسة الجمهورية تحت معادلة “المسيحي القوى ” ومن هنا تاتي مطالبته بانتخابات نيابية مبكرة لاعتقاده انه سيحصد اكثرية المقاعد المسيحية في كل الداوئر التي توصله إلى بعبدا وصولا إلى تحقيق هدفه الاخر باضعاف الغطاء المسيحي عن حزب الله.
ويقول قيادي بارز في التيار الوطني الحر ل “الديار” ردا على طرح الحريري وجعجع استقالة الرئيس عون او تقصير ولايته “، قشر على رقابكم “الرئيس عون باق لاخر ثانية من ولايته، لو نزلت السماء على الأرض، وسنقطع” لسان” كل من يتحدث في هذا الموضوع ، طويلة عليهم “.
الملف الحكومي
اما على صعيد الملف الحكومي ، فالامور” مكانك راوح “ولا حكومة الا في” الأحلام” في ظل حفلة تكاذب مشترك وكمائن بين عون وميقاتي و” حرب صلاحيات “”والامرة “لمن داخل الحكومة، فعون لن يتخلى عن الثلث الضامن ولن يكون” باش كاتب “في الحكومة في ظل حرب الآخرين عليه، وباسيل لن يعطي الثقة للحكومة اذا كانت حكومة بري والحريري وميقاتي فيما نواب التيار الوطني يؤكدون ان من حق الرئيس المطالبة بالثلث الضامن، فيما ميقاتي لا يمكن أن يتنازل تحت السقف الذي رسمه رؤساء الحكومات السابقون في ظل اجواء سنية غير متحمسة للتعاون مع عون وبالتالي لايستطيع الخروج من هذه الثوابت “والعباءة “ولن يتنازل عن الأمرة في الحكومة، ويعتقد ميقاتي انه بادائه في الحفاظ على حقوق السنة ومناكفة حزب الله يستطيع التقارب مع السعودية والتخفيف من ملاحظاتها في حال شكل الحكومة، والمدخل لتحقيق هذا المسار تحكمه بالقرار الحكومي، وفي ظل هذه الاجواء لا حكومة الا اذا فرضت بالإكراه من قبل المجتمع الدولي لان اللواء ابراهيم وجد حلولا لكل المشاكل لكن التنفيذ بقي معطلا؟ وهل يعقل ان تتعثر الولادة على اسم وزير الاقتصاد او وزير الشؤون الاجتماعية والطبقة السياسية بارعة في تنظيم المحصاصات، ولذلك قصة الحكومة “ليست رمانة بل قلوب مليانة” فيما كب الأسماء للحرق وإذا صفت النيات تتالف ب24 ساعة فقط لأن العقد داخلية بامتياز ومحصورة بعقدة تسمية الوزيرين المسيحيين حيث وصف مصدر مطلع على الأمور بالقول “التاليف طالع نازل” والمراوحة قائمة حتى إشعار آخر.
الاوضاع المعيشية
الظروف الاقتصادية صعبة جدا، وقرار المجتمع الدولي واضح بمنع الانهيار وتعميم الفوضى ، وفي مقابل السلبيات هناك اجواء إيجابية نسبيا وخجولة لجهة مساهمة ناقلات النفط الإيرانية بتخفيف أزمة المحروقات، والغاز المصري مع الكهرباء من الاردن يرفع التغذية إلى اكثر من 12 ساعة يوميا، وهذا ما سيخخف الفاتورة النفطية والضغط على مصرف لبنان بعد توقف الدعم مما يحول قسما من مدخرات الأموال الي مشاريع منتجة، بالإضافة إلى وعود دولية بمساعدات للقطاعات التربوية والصحية والغذائية، وهذا يلزمه قرار من مجلس النواب بالغاء الوكالات الحصرية وفتح الأسواق اللبنانية لكل الشركات العربية والدولية وخلق سياسات تنافسية تؤدي إلى تخفيض الأسعار َمع مساعدات لحل ملفات مستعصية، هذه الاجواء تشكل بصيص امل لتقطيع هذه المرحلة بأقل الخسائر، والمدخل إلى ذلك تاليف الحكومة وتمرير الوقت حتى الانتخابات النيابية التي ستساهم أيضا بحركة مالية في الأسواق بعد أن فتحت الاحزاب والشخصيات خزائنها المالية بالليرة اللبنانية، وهذا لايعني “صفر أزمات” لكن على اللبنانيين ان يدركوا ان عهد البحبوحة انتهى كليا ولن يعود” وعليهم التكيف مع المرحلة الحالية واعادة بعض الروح لعمل المؤسسات ووضع حد لعصابات التلاعب بالدولار والمحروقات، وكب تسريبات غير واقعية ومن نسج الخيال عن اجواء إيجابية حكومية تخفض سعر الدولار وفي اليوم التالي” يبخون” اجواء سلبية فيرتفع الدولار ويجنون المليارات” وكلهم من كبار القوم”، ويديرون قطاع الصرافين، وهذا يسري على المحروقات وبث تسريبات عن توقف الدعم أواخر الاسبوع مما زاد جنون طوابير الذل امس الى مستويات قياسية لتوتير البلد بينما لم يصدر عن الحاكم رياض سلامة اي قرار، وكل هذه التسريبات مدروسة لعرقلة وافشال اي خطوة إيجابية.
القطاع التربوي
وفي ظل هذه الاجواء يطرح السؤال الأساسي ، متى سيبدأ العام الدراسي؟ في ظل حرب مفتوحة بين وزير التربية طارق المجذوب وروابط اساتذة التعليم الرسمي بكافة مندرجاته الذين نظموا امس اعتصاما حاشدا أمام وزارة التزبية بدعم من كل الاحزاب وإصروا على رفض التدريس اذا لم تؤمن حقوقهم كاملة لجهة رفع الحد الأدنى للاجور إلى 6 ملايين وتامين بدلات نقل تحاكي ارتفاع أسعار المحروقات وتامين كافة التجهيزات ورفضوا قرار وزير التربية باعطا ئهم بدلا ماليا شهريا واعلنوا عن خطوات تصعيدية وطالبوا بحلول جدية لنقل الطلاب وتامين القرطاسية ووسائل التدفئة والكتاب المدرسي وغيرها من المشاكل، اما المدارس الخاصة رفعت اقساطها بشكل فاق ال200 بالماية دون أي تدخل من الوزارة مقابل المماطلة باعطاء وعود للاساتذة بزيادة رواتبهم وهذا ما سيدفعهم إلى الإضراب واستحالة بدء العام الدراسي، من جهة أخرى يطلق اليوم الوزيران رمزي مشرفية وراول نعمة البطاقة التمويلية وكيفية تقديم الطلبات حيث سيستفيد من المشروع 525 الف عائلة بمعدل 125 دولارا اميركيا شهريا لكل عائلة.