أُطلق مشروع “فرصة – للوقاية وإعادة تأهيل المدمنين على المخدرات”، في حفل أقيم في فندق “كمبنسكي” برعاية رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ممثلاً بوزير الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار. شهد الاحتفال توقيع اتفاقية ثلاثية بين الجمعيات القائمة بالمشروع وهي “أم النور” و”امكان” و”المنهج”، واتفاقية ثنائية بين “أم النور” و”بيروت للتنمية”، وأخرى تتناول كل القطاعات كتعاون بين جمعيات في كل المناطق اللبنانية وهي: “بيروت للتنمية”، “امكان”، “الشوف للتنمية”، المنهج”، “المكارم” و”ثمار”، في حضور نواب ومطارنة ومفتين وممثلين عن الأجهزة العسكرية والأمنية والنقابات ومديرين عامين واقتصاديين ورجال أعمال وجمعيات أهلية ومدنية.
بعد النشيد الوطني، قالت مقدمة الحفل الاعلامية لينا دوغان: “تحت عنوان مشروع (فرصة) نجتمع اليوم لنتحد في وجه آفة يواجهها مجتمعنا ألا وهي الإدمان”. وأشارت إلى أن “فرصة كلمة لطيفة علينا ألا نضيعها بل على العكس وجب علينا أن ننتهزها ونغتنمها خصوصاً إذا كانت سانحةً لتحميَ أولادنا من مرض خبيث بدأ يضرب كل ما يحيط بهم، وهذا المرض هو المخدرات”.
هاشمية
وألقى رئيس جمعيتي “بيروت للتنمية الاجتماعية” و”إمكان” أحمد هاشمية كلمة قال فيها: “في مثل هذه الأيام وتحديداً بـ14 تشرين الأول 1998، كانت جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية. 24 عاماً لـبيروت للتنمية أرادها الرئيس الشهيد رفيق الحريري “إيد تعطي وعين ما تشوف”، لأن فعل الخير يجب أن يكون عالسكيت وبعيداً عن تسجيل نقاط بالسياسة”.
أضاف: “إنه لشرف لي أن أشارك وجمعيات أهليّة ومدنيّة في التصدي لآفة اجتماعية خطيرة وأعني بها الادمان على المخدرات خصوصاً في هذه المرحلة التي تتكسر فيها الأحلام في مواجهة أزمات متشعّبة ومتلاحقة. لبنان اليوم في قلب الانهيار والدولة تحاول لملمة شتات مؤسّساتها فيما الشعب اللبناني يعاني من أزمة اقتصاديّة وماليّة ومعيشيّة وبطالة مستفحلة وتضخّم هائل بما يسدّ الأبواب أمام الشباب وتتقلّص خياراتهم بحيث يلجأ البعض ممن يستطيع إلى الهجرة فيما البعض الآخر يهرب من واقعه المأزوم باللجوء إلى المخدّرات فتفتك به وبالمجتمع”.
وتابع: “للأسف ينظر بعض الدول إلينا كمصنع أو ممر للمخدّرات وهذا الأمر يسّر للشباب تحديداً سهولة في التعاطي ووفرة في المخدّرات التي تسهم في تدمير منظومة القيم الأخلاقيّة التي نتمتّع بها في هذا الشرق وتدمّر ما تبقّى من سلامة الأسرة وسلامة المجتمع”.
وشدد على أن “الإدمان مرض وليس جريمة، وعليه فإنّ من أولى واجباتنا جميعاً أن تتضافر جهودنا بالتفاعل مع مؤسسات الدولة المختصّة وبالتكافل مع مؤسّسات المجتمع المدني والأهلي في التصدّي لهذا المرض الذي بات كالوباء بسرعة انتشاره بين جيل الشباب تحديداً والمجتمع اللبناني عموماً”، متمنياً “على الاعلام أن يولي أهمية في تعميم الوعي حول مضار المخدرات وأثرها السلبيّ على الشعب اللبناني والنشء الجديد”.
وأكد أن “هذه المبادرة التي نطلقها مع جمعية أم النور، وهي الرائدة في معالجة الإدمان، وبالتعاون مع جمعية المنهج، تحتاج الى كل جهد وتعاون على المستويات كافة وفي مختلف المناطق”، شاكراً “الدول الصديقة التي تمد لنا يد العون والمساعدة إدراكاً منها للأثر المجتمعي الخطير وفي ظل أزمة متفاقمة”. ودعا “الأجهزة الأمنية والمعنية الى مضاعفة جهودها المشكورة في استئصال مراكز التصنيع ومكافحة عمليات التهريب”، متوجهاً الى صاحب الرعاية بصفته رئيساً للحكومة بأن يولي “هذه المسألة الأولوية القصوى على الرغم من معرفتنا بكثافة الأولويات وتشابكها في هذه الظروف الصعبة”.
وأشار هاشمية الى أن “هذه الظروف غير الطبيعية ضاعفت الأعباء على الجمعيات الاجتماعية وبات واجبنا جميعاً أن نزيد جهودنا قدر المستطاع في خدمة مجتمعنا على مساحة الوطن، وهذا ما دفعنا اليوم الى توقيع اتفاقيات التعاون بحضوركم مع تجمع أم النور وبالتعاون مع المنهج، وكذلك اتفاقيات تعاون مع جمعيات المكارم والشوف للتنمية وثمار”، آملاً “أن تكون هذه المبادرة باكورة تعاون مع مختلف الجمعيات الاجتماعية العاملة والفاعلة لنخرج من واقعنا المأزوم الى المستقبل المأمول”.
نجيم
أما مؤسس تجمع “أم النور” المطران غي بولس نجيم ، فقال: “ان هذا اللقاء جميل جداً، لأنه يتم بين أناس أدركوا قيمة الأخوة الانسانية ويتحركون في سر هذه الآية القرآنية الكريمة (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) سرهم في ما يوصيهم به ايمانهم المشترك بالله كما في الحديث الشريف (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وفي الإنجيل (كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أيضاً بهم) لأن هذا هو الناموس والأنبياء. لقد أنعم الله علينا أن نتشارك نحن جمعية المنهج الخيرية وتجمع أم النور في مشروع نسعى من خلاله الى ارضائه تعالى بتقديم ما لدينا مادياً ومعنوياً وروحياً وعلمياً الى أخوة لنا استعبدهم المخدر ويتوقون الى التحرر منه فنكون لهم فرصة خلاص كما سمي المشروع”.
واعتبر أن “الخير يجلب اليه الخير فلا عجب أن نوقع اتفاقين الأول للتعاون بين جمعيتي مشروع فرصة أي جمعية المنهج الخيرية وتجمع أم النور من جهة، وجمعية إمكان الخيرية لعكار والشمال من جهة أخرى، والثانية للمشاركة بين جمعية التنمية وتجمع أم النور للعمل معاً وتحديداً في بيروت واقليم الخروب والبقاع في مجالات الوقاية من الادمان على المخدرات وتأهيل من خضع لها أو أخضع لها كي يستعيد عافيته كاملة”.
وتوجه نجيم في كلمته إلى الرئيس ميقاتي قائلاً: “مساعدة المدمن على الانخراط مجدداً في المجتمع كعضو فاعل فيه، مغامرة وسندنا الأمين فيها أنتم، وإن غيابياً نقولها يا دولة الرئيس نجيب ميقاتي، فمن ركائز توجهاتنا العمل مع الدولة، وافقتم على أن ترعوا لقاءنا وأوفدتم ليمثلكم فيه معالي وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور هيكتور حجار، إخترتموه علماً منكم أنه مطلع عن كثب على قضيتنا وعلى دقتها وهو مشكور على حضوره”.
أضاف: “إننا سنظل نتعاون معكم ومع جيشنا الذي قائده العماد جوزيف عون ممثل بيننا بالعقيد الركن إياد العلم، ووزير الصحة الدكتور فراس الأبيض ممثل بالأستاذ عمر الكوش، ونتعامل مع وزارة الصحة والشؤون ووزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي ممثلاً بالسيدة سونيا الخوري، وننجز مع هذه الوزارة ومع مركز البحوث التابع لها دليل مخاطر الادمان للأهل والشباب، ومعنا ممثل لقوى الأمن الداخلي وممثل اللواء عماد عثمان الرائد سامر المعلوف حماهم الله جميعاً”.
واعتبر نجيم أن “ضمانة نجاحنا في عمق غايتها هي سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ممثلاً بيننا بمفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام رفيق الجهاد منذ البدء وزملائه رجال الدين كافةً مسيحيين ومسلمين وكل مؤمن يصلي من بين الحاضرين، فالرب هو الكفيل الأوحد بخلاص النفوس من نزواتها المكبلة لحريتها في عمق كيانها. بالصلاة نمسك بالله وبالصداقة نمسك بالبشر خدمة للأخوة الانسانية الممثلة في العالم بلبناننا، لبنان الموالفة بين جميع أبنائه، لبنان الحرية ولبنان التنوع”.
الأحمد
واستهل رئيس جمعية “المنهج” محمود ابراهيم الأحمد كلمته بالقول: “نأتي من عمق طرابلس المدينة الأشد فقراً على الحوض المتوسط، التي كانت يوماً مدينة مزدهرة وتعرف سابقاً بمدينة العلم والعلماء والآثار والثقافة، ومركزاً إقتصادياً ومقصداً للسياح بفضل أسواقها التجارية ومعالمها التاريخية، الا أن الحرب غيرتها فتحولت الى أكثر الأماكن تهميشاً وإفقاراً وحرماناً فغاب العلم وانتشر الجهل وظهر التسرب المدرسي والبطالة وظهرت الآفات وأخطرها وعلى رأسها آفة المخدرات”.
وأوضح أن “جميعة المنهج الخيرية نشأت لتضع نصب عينيها نشر العلم والوعي في المجتمع ومحاربة الآفات الخطيرة المنتشرة فتوسعت خدماتها على المستوى التربوي والصحي والاجتماعي، وأسست المدارس لمحاربة الجهل والتسرب المدرسي لحماية الاطفال من أن يتحولوا وقوداً للحرب والفوضى. كما أسست مراكز الرعاية الصحية الأولية التي تؤمن الخدمات الأساسية بالتعاون مع وزارة الصحة العامة وبسبب ارتفاع نسبة البطالة وغياب الاستقرار الاجتماعي وانهيار المؤسسات وما تبعه من إنتشار اليأس بين المواطنين وعدم الاستقرار العائلي وازدياد حالات الطلاق والتفكك الأسري وما نتج عنها من إستغلال للأطفال والشباب وتوريطهم في تعاطي المخدرات وتجارتها والتسويق لها”.
أضاف الأحمد: “أمام هذا الواقع المرير ومن رحم المعاناة ولدت فرصة لتكون شعلة أمل تنير درب المدمنين وفرصة تعاون وتكاتف بين الجمعيات الخيرية لمشروع متكامل على مستوى الوطن فأبصرت فرصة النور على طريق المنهج بإمكان. أيها الحضور الكريم أنتم أمام فرصة كبيرة لحماية شبابنا وتحقيق طموحنا في إنجاح هذا المشروع لوقاية المدمنين على المخدرات ومعالجتهم، فعلى الرغم من اليأس والافقار وفقدان الثقة ما زلنا نتمسك بالأمل في أننا سننجح والمسيرة طويلة وصعبة ولكن النتيجة حتمية وإيجابية إن شاءالله. مشاريعنا كثيرة وأحلامنا كبيرة سنحققها سوياً يداً بيد مع أهل الخير والعطاء والله ولي التوفيق”.
الحجار
وكانت الكلمة الأخيرة للوزير الحجار الذي قال: “أسعدني دولة رئيس مجلس الوزراء وشرّفني بتمثيله في هذه المناسبة الكريمة والعزيزة على قلوبنا لما يجمعنا بأصحاب الشأن من تعاون وصداقة وعمل. ونجتمع اليوم لنؤكد أن الفرصة لا زالت متاحة وأننا جميعاً بحاجة الى اقتناص الفرص وتحقيقها في حياتنا لنراكم خبرات وتطور قدرات ونبني وطناً.
هذه المبادرة تجمع ثلاث جمعيات نكن لها كبير التقدير والاحترام لها تاريخ طويل في العمل الاجتماعي المتنوع والضروري لمجتمع يعاني ويتطلب منا جميعاً تضافر الجهود والسعي الدائم الى ابتكار طرق حديثة ومتطورة للمعالجة وتوحيد الجهود وتضافر القوى لصناعة التغيير. مجتمعنا يسائلنا ويطلب منا أن نكون دائماً الى جانبه منتبهين الى احتياجاته وصادقين في مساعدته، عاملين على خلق فرص في حياته في زمن قلت فيه الفرص وعلى اضاءة شمعة في ظلمة مآسيه، داعين له بالحياة في زمن اللاحياة والرجاء في زمن اليأس والفرح في زمن البؤس”، مؤكداً أن “المهمة صعبة وصعبة جداً ولكنكم طبعاً قادرون وخصوصاً أنكم متضامنون، ففي الاتحاد قوة ونحن نعوّل على اتحادكم وندعم جهودكم ونشد على أيديكم، كيف لا وأنتم تحاربون أخطر آفة تضرب المجتمعات وتدمرها”.
وختم حجار: “المخدرات تنطلق من الفرد لتبيد مجتمعاً بكامله، تنزع منه الفرح، الفرح الحقيقي وتلبسه ثوب سعادة عابرة قاتلة تهدم فيه المؤسسة الاجتماعية الأولى أي العائلة، منها تضرب أسس الصمود والتقدم لأي مجتمع. فالويل ثم الويل لوطن غرق شبانه في تعاطي المخدرات اذ أنه يزول بزوالهم. شباب لبنان أمانة بين أيديكم وأيدينا فهو بحاجة الى الرعاية والتوجيه والعلاج قدرنا الله واياكم على صناعة الخير دمتم وعاش لبنان”.
وفي الختام وقعت الجمعيات اتفاقية التعاون في ما بينها منطلقة في رحلة تعاون جديدة في المناطق اللبنانية كافة.