نظم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالشراكة مع الإتحاد الأوروبي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية و”التعاون الألماني”، في فندق “كمبنسكي” بيروت، مؤتمرا بعنوان “الانتخابات النيابية لعام 2022: النتائج الرئيسية والدروس المستقاة”، بمشاركة الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان ميلاني هاونشتاين، سفير جمهورية ألمانيا الإتحادية أندرياس كيندل وسفير بعثة الإتحاد الأوروبي إلى لبنان رالف طراف، في حضور نواب من مختلف الكتل النيابية وممثلين من السفارات ومن منظمات المجتمع المدني.
هاونشتاين
بعد النشيد الوطني، وكلمة عريفة الحفل الاعلامية جوزفين ديب، قالت هاونشتاين: “سبعة أشهر مضت على الانتخابات النيابية اللبنانية لعام 2022، وهي علامة بارزة ينتظرها اللبنانيون كل أربع سنوات لممارسة حقهم في التصويت وإيصال أصواتهم، علامة بارزة أنه على الرغم من كل الأزمات والتوترات تم إجراؤها في الوقت المحدد وبتدابير جيدة إلى حد ما. كما أود أن أثني على التزام دولة لبنان للإنتخابات والديموقراطية في لبنان”.
اضافت: “على مدى العقود الثلاثة الماضية، كان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يدعم بنشاط هذه العملية الديمقراطية في جميع أنحاء العالم لتلبية تطلعات المواطنين إلى الحكم الديمقراطي والنهوض بالتنمية البشرية”.
وأشارت الى انه “منذ عام 2009 ، ما فتئ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يقدم الدعم اللازم للمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني من أجل انتخابات نزيهة وشفافة وشاملة، الانتخابات الديمقراطية هي أحد العناصر الأساسية للديمقراطية التمثيلية”.
وشددت على أن “الديمقراطية هي إحدى القيم الأساسية العالمية للأمم المتحدة، وتشكل الانتخابات أساس أي ديمقراطية وتضمن بقاء السلطة داخل الشعب، كما أنه يحمي المشاركة السياسية والعامة، والحكم الديمقراطي، وسيادة القانون، والاندماج الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والنهوض بجميع حقوق الإنسان”.
وقالت: “بالنسبة للبنان، تشكل هذه القيم أحلام الناس وتطلعاتهم للتغيير. نعلم جميعا أن العملية الانتخابية لا يمكن أن تتحسن ما لم نتعلم ونقيم نقاط القوة وكذلك التحديات التي واجهتنا. للمرة الأولى، عند الانتهاء من الانتخابات البرلمانية الأخيرة، أجرينا معا تمارين شاملة جمعت بين هيئات إدارة الانتخابات ومنظمات المجتمع المدني وشركاء المجتمع الدولي والخبراء”.
أضافت: “ان اعضاء البرلمان اللبناني دورهم حاسم في مراجعة ومناقشة واعتماد الإصلاحات اللازمة من أجل عمليات انتخابية أفضل وأكثر شفافية ونزاهة”.
وعن التحسينات المطلوبة، قالت: “ان الدروس المستفادة أظهرت مؤخرا أننا أحرزنا تقدما كبيرا في تنفيذ العمليات والآليات واللوجستيات الانتخابية، وهذا بالفعل تقدم في الاتجاه الصحيح، بعد تسجيل الناخبين، والتسجيل الدقيق للمرشحين/ات واللوائح الإنتخابية، وإصدار النتائج النهائية في الوقت المناسب، كلها أمثلة على التحسينات التي تم إجراؤها في ما يتعلق بالعمليات الانتخابية في ظل الظروف الصعبة التي واجهت لبنان”.
أضافت: “هناك الكثير مما ينبغي عمله من حيث الشفافية، والتواصل، والوصول إلى البيانات ذات الصلة، وشمولية الفئات الضعيفة، وتعميم مراعاة المنظور الجندري، وسوف يسلط التقرير الذي سيعرض اليوم الضوء على أهم التوصيات الخاصة بالانتخابات النيابية المقبلة والتي تتماشى مع التوصيات التي قدمتها بعثات مراقبة الانتخابات”.
وتابعت: “اننا اليوم نحتاج إلى معالجة هذه التحديات في نقاش مفتوح وتشاركي حتى نتمكن من العمل معا لتحديد الإصلاحات الانتخابية للانتخابات النيابية لعام 2026”.
كيندل
من جهته، رأى السفير الالماني أن “إجراء الانتخابات النيابية في موعدها كان إنجازا لا يمكن أن يتحقق من دون ضغوط المجتمع الدولي وجهود المنظمات الدولية والمحلية وخاصة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي”.
وقال: “كانت الأجواء السياسية قبل الانتخابات النيابية مليئة بالشكوك حول اجرائها. ولم يتضح ما إذا كانت الانتخابات ستجرى أم لا وكيف سيتم تمويل الانتخابات وكيفية تعديل القانون، بالاضافة الى:
– هل سيتمكن المغتربون من التصويت؟ إذا كانت الإجابة نعم ، فما هي الفئات المستهدفة؟
– هل تتمتع هيئة الإشراف على الانتخابات بالمال والسياسة استقلال؟
– هل ستكون هناك حصص للجنسين، أو مراكز ضخمة ، أو بطاقات ممغنطة؟”.
أضاف: “كل هذه الأسئلة وغيرها تمت الإجابة عليها قبل الانتخابات بفترة وجيزة، مما قوض العملية السياسية والديمقراطية وأعاد إلى الذاكرة تجربة تمديد ولاية مجلس النواب لسنوات 2013. وبالمناسبة، لدينا شك مشابه يتربص بالانتخابات البلدية المقبلة”.
وتابع: “لحسن الحظ، انتصرت العملية الديموقراطية مع ذلك وتم إنشاء برلمان جديد، ولكن الآن حان الوقت للنظر إلى الوراء لفهم أوجه التقصير في العملية الانتخابية من أجل ضمان ديمقراطية أكثر في السنوات المقبلة”.
وختم: “آمل أن يأخذ صناع القرار اللبنانيون علما بالتوصيات التي يقدمها هذا التقرير وينفذها وغيرها من التوصيات الملحة، وان ينفذوا الإصلاحات في أقرب وقت ممكن”.
برنامج الامم المتحدة
وبعد كلمة سفير بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان، عرضت أولغا عيد باسم برنامج الامم المتحدة الانمائي لمحة عامة عن ارقام المقترعين والناخبين في لبنان والخارج والمرشحين واللوائح الانتخابية في الدوائر ال15 في انتخابات 2022.
ثم قدمت نورا مراد من مشروع دعم الانتخابات النيابية التابع لبرنامج الامم المتحدة، شرحا عن الانتخابات النيابية من منظور جندري خصوصا مع الاشكالية المطروحة حول مشاركة المرأة في العمل السياسي، مقارنة بالارقام بين دورتي 2018 و2022.
بعد ذلك، عرض الباحث محمد شمس الدين بالتفصيل للنتائج بالارقام التقنية والنسب التي حصلت عليها الاحزاب والتيارات اللبنانية في كل الدوائر والمناطق.
التوصيات
وأصدر المجتمعون التوصيات التالية:
“- ادخـال مـادة إلى قانون الانتخابات تمنع أي تعديـل عليـه قبـل عـام مـن موعـد إجـراء الانتخابات، مـا يـريـح وزارة الداخليـة فـي كيفية الاستعداد الجيـد لوجستيا لأي استحقاق.
– رفع السرية المصرفيـة عـن حسابات المرشحين والفـروع لضبط ومراقبة الانفاق الانتخابي.
– إعادة النظـر بعـدد المندوبيـن الـذي حـق لـكـل مرشـح ولائحـة تعيينهـم ووضع معـدل معيـن لـكـل لائحـة تتناسب مع حجـم الدائرة وعـدد المقاعد وعـدد اللوائح -فـي حـال اعتمـاد مقاعـد السـت المخصصـة للخـارج يجـب وضـع آليـة محـددة لكيفيـة فـرز الأصـوات فـي الخـارج أو الداخـل. مـع شـرح كيفيـة توزيـع هـذه المقاعـد.
– اعتمـاد الميغاسنتر لتخفيف الضغوط عـن الناخبيـن ومكافحـة الرشـاوى الانتخابيـة وتسهيل اقتراع الاشخاص ذوي الإعاقـة.
– اعتماد البطاقة الممغنطة.
– اعتماد طرق واضحة في كيفية إلغاء قسائم الاقتراع أو احتسابها.
– تطبيق قانون حق الوصول إلى المعلومات.
– خفض سقف الإنفاق الانتخابي ورسم الترشح.
– تعديـل المـادة ٦٢ مـن القانـون بمـا يتعلق بالإنفاق الانتخابي والغاء توزيع المساعدات في فترة الحملات الانتخابية واعتبارهـا رشـوة انتخابيـة.
– عـدم منح تراخيص للمنظمات التي لا تبغي الربـح فـي فـتـرة الستة أشهر التـي تسبق الانتخابات ووضع قواعـد قانونيـة للمـدة الزمنيـة التـي يـجـب أن يتوقف فيهـا منـح التراخيـص، بمـا لا يـمـس بحريـة التجمع وتأسيس الجمعيات.
– تشكيل هيئة مستقلة بشكل دائم لإدارة الانتخابات.
– في حال الإبقاء على هيئة الإشراف الحالية:
۱. اقرار موازنة لها منفصلة عن موازنة وزارة الداخلية.
٢. جعل الهيئة مستقلة بشخصية معنوية للتقاضي والادعاء.
3. تنفيذ القرارات الصادرة عنها وبالوقت اللازم.
4. وضع جدول زمني لتعيين أعضاء هيئة الإشراف وتحديد عددها.
5. تمديد مدة درس البيانات الحسابية الشاملة.
– وضع معاييـر موحـدة حـول كيفيـة احتساب أو عـدم احتسـاب أقـلام الاقتـراع وتدريـب القضـاة عليهـا
– اعتماد کوتا نسائية في الإدارة الانتخابية (هيئة الإشراف)
-التدريب الحضوري لموظفي أقلام الاقتراع، والقضاة في لجان القيد”.
الجلسة الثانية
وعقدت الجلسة الثانية تحت عنوان “مناقشة عن الاصلاحات الانتخابية والاطار القانوني للانتخابات النيابية لعام 2026″، وشارك فيها النواب: جورج عدوان، جورج عقيص، فيصل الصايغ، حليمة قعقور واسعد درغام.
عدوان
وتوجه عدوان الى برنامج الامم المتحدة الانمائي والى كل الجهات الدولية التي دعمت اجراء الانتخابات النيابية الاخيرة في لبنان، معتبرا ان “اهمية ورشة العمل تتجسد بأنها تجري في وقت لنا معالجة الثغرات، لاننا دائما في لبنان نستفيق بشكل متأخر فنطلق مواقف اعلامية من دون المعالجة”.
وشدد على “ضرورة ان يعكس قانون الانتخابات التعددية وان يكون مريحا لكل المكونات لاننا لسنا في بلد الديموقراطية فيه فقط عددية، وافضل طريقة للعبور بأن يكون التمثيل صحيح ومريح”.
ورأى ان “القانون الانتخابي ادى الى نقلة نوعية لجهة صحة التمثيل ونقلنا من سياسة المحادل الى سياسة خيارات الموطنين”، داعيا لان يكون “أي قانون مقبل يلائم اي مجتمع”.
وفي موضوع هيئة الاشراف، اكد على “اهمية دعمها بكل الطرق والوسائل والامكانات لتقوم بواجباتها وان نتعامل معها بشكل جدي واختيار اعضائها”.
وبالنسبة للميغاسنتر والبطاقة الممغنطة، دعا الى “عدم اللجوء اليها في الوقت الاخير وذلك للتسهيل على المواطنين، وضرورة العمل عليهما من اجل الوصول الى الفرز الالكتروني لتحاشي معاناة لجان القيد والقضاة في موضوع الفرز، والذي ادى الى مشاكل في الفرز والارقام”.
عقيص
بدوره، أشار عقيص الى أنه “منذ انتخابات 2018 صدرت 25 توصية عن البعثة الرقابية للاتحاد الاوروبي ولم يلتفت اليها احد، ولم يبذل احد على مستوى السلطة التتفيذية اي جهد في هذا الخصوص من خلال اجراء الاصلاحات الانتخابية، ووصلنا الى انتخابات 2022 ولم نلتفت الى تلك التوصيات”.
وقال: “على بعد ايام من الانتخابات الاخيرة، استعجلنا وسلقنا بعض الامور والاصلاحات من دون استكمال البقية”.
وطمأن “الجهات والمنظمات الدولية بأن الشعب اللبناني هو اكثر شعب في المنطقة قابلية وجهوزية للديموقراطية”، آملا أن “يصرف جهد من قبل الجهات الدولية على ترسيخ الديموقراطية في دول المنطقة لان مشكلتنا من قبل الدول غير الديموقراطية في منطقتنا والتي تتدخل في شؤوننا، وبقعة الضوء في المنطقة التي اسمها لبنان تتأثر بهذا السواد، وعلى المجتمع الدولي ازالة الظلام من حول هذه الفسحة”.
ولفت الى أن “جميع القوى السياسية تعرف ما هي الاصلاحات المطلوبة لكن ليس هناك محرك يدعونا للجلوس معا بسبب الانقسام الحاصل”، داعيا الى “إطلاق مبادرة محلية اممية تتابع هذا الموضوع لنصل الى انتخابات 2026 ولدينا الارادة السياسية ودعم دولي لهذه العملية ونحن كجهة سياسية جاهزون للانخراط في هذه العملية دون عقد وان نجلس على نفس الطاولة مع كل الاحزاب السياسية اذا كان الهدف تحسين النظم الانتخابية في لبنان”.
الصايغ
وفي موضوع الكوتا النسائية، قال الصايغ: “من جملة الاصلاحات التصويت الالكتروني في مجلس النواب، ونحن كحزب اشتراكي وكتلة اللقاء الديموقراطي موقفنا واضح من موضوع الكوتا، فنحن في كافة مراكز الحزب لدينا حد ادنى من الكوتا النسائية ونحن مع تلك الكوتا في مجلس النواب اسوة بها في الحزب”.
وسأل: “لماذا في كل مرة نعدل قانون الانتخاب؟ لا يوجد دولة في العالم تعدل القانون قبل كل انتخاب وهذا امر غير طبيعي، ويدل على ان الرأي السياسي اللبناني لم يستقر على رأي معين بأن هذا هو القانون الافضل للبنانيين لان الحسابات دائما اي قانون يعطيني مكاسب اكثر، وليس قانون يترجم ارادة الناس ويطور آليات الحكم في البلد باتجاه الدولة المدنية والرشيدة”.
قعقور
وذكرت قعقور انها “في كل مرة كانت تكتب دراسات وتخرج توصيات عن برنامج الامم المتحدة وغيرها من الجمعيات، كانت تعتبرها بعيدة عن ثقافة المجلس النيابي وبعيدة عن التطبيق”.
وفي موضوع الكوتا النسائية، شددت على “اهمية مشاركة النساء في السياسة”، مشيرة الى ان “الجميع يقول انه مع الكوتا في حين الواقع مخالف لذلك، ففي المجلس النيابي هذا الامر يضر بالاحزاب التقليدية الموجودة لعدة اسباب منها الالتصاق بزعيم المنطقة الذي سيلحق به الضرر في حال الاتيان بامرأة والدليل عدم تغيير معظم الوجوه في الكتل النيابية”.
وقالت: “نظامنا السياسي المبني على عدة زعامات هي للرجال، فلم تترأس اي امرأة زعامة طائفة. واذا خرجنا من النظام الزعاماتي تدخل النساء، والزعامات عندنا نظام بطريركي بامتياز”.
درغام
ورأى درغام أن “الكوتا النسائية عنوان كبير، وفي كل الدول والاكثر تطورا في العالم، كانت الكوتا معبرا لتستطيع المرأة ممارسة دورها الطبيعي اسوة بكل مكونات المجتمع”.
وقال: “اليوم ضروري جدا مع كوتا الترشيح ان هذا الامر لا يعفي المرأة من مسؤوليتها لتفعيل نشاطها سواء داخل الاحزاب من خلال الترشح في المواقع وتفعيل عملها الحزبي، او في المجتمع المدني والجمعيات وبالتالي فرض واقع معين. وهذا يتطلب من ناحية القانون ان يتأمن لها كوتا الترشيح الى جانب تفعيل العملين الحزبي والاجتماعي”.
وشدد على “اهمية التصويت الالكتروني داخل المجلس النيابي حتى تعرف الناس كيف تحاسب الاحزاب والذين انتخبوهم”.
وفي موضوع الميغاسنتر، أشار الى ان “الامر مهم لممارسة اصحاب الدخل المحدود حقهم في عملية الاقتراع ويسهل عليهم خاصة في ظل الاوضاع الاقتصادية المتردية، وهي تحول دون ان يسيطر احد على صوت هذا الناخب، وليس هناك اصلاح انتخابي من دون اقرار الميغاسنتر”.