Breaking News

المرتضى أحيا العيد الوطني للابجدية: بالوحدة في ما بيننا وبالقوة التي لنا وباعتماد الثقافة غاية والنقاش الفكري الهادىء الرصين وسيلة نكون جديرين بهذا الوطن وفخورين بتركه لاولادنا سيداً حراً مستقلاً

شدد وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى على إن “وجود الوطن مرتبط حتما بقضية الانتصار للحق والقيم، في الصراع مع عدو لا يعرف لهما قدرا، وليس سلاح أمضى وأكسب للنصر من سيف ذي حدين: الوعي الوطني والوحدة الوطنية”.
وقال: “إن الوعاء الأبجدي يضيق جدا بالعصبيات وبأصوات النشاز التي تزمجر بلا هوادة من غير أن تفيد في شيء إلا الضوضاء، ونعيد إن لنا في صناعة الأبجدية إرثا عظيما فلا نبددنه كما فعل الابن الشاطر في المثل الإنجيلي، لأننا إذا أضعنا ميراثنا، فقد لا نجد لنا من يقبل منا عودة.”
كلام الوزير المرتضى جاء خلال رعايته احياء يوم وعيد الابجدية في حفل اقيم في مقر المكتبة الوطنية بحضور وزراء الدفاع والزراعة والاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال موريس سليم، عباس الحاج حسن وامين سلام، السفير القطري في لبنان ابراهيم بن عبد العزيز السهلاوي، النواب ندى البستاني، زياد حواط، سيمون ابي رميا وشوقي دكاش، الوزير السابق غابي ليون، اعضاء لجنة احياء يوم وعيد الأبجدية برئاسة النائب السابق نعمة الله ابي نصر، نقيب المحامين ناضر كسبار، نقيب المحررين جوزيف قصيفي، محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود والمدير العام لمجلس النواب عدنان ضاهر، وحشد من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية.
المرتضى
ومما جاء في كلمة المرتضى: “فينيقيا ومجدها المشيد وملكها المعظم المؤيد
إن واحدا من أهم إنجازات الأجداد الفينيقيين، يسكن الآن على كل لسان بشري، وفي كل قطرة حبر وسطر كتاب. إنه الحرف اختراعهم الأبدع، ولو أنهم لم يقدموا للتراث الإنساني غير هذا الاختراع العظيم، لظلوا بحق وجدارة يتبوأون مركزا مرموقا في تاريخ الفكر البشري”.
وأضاف:”هذا التاريخ المترامي الحضور صفحة من تاريخ لبنان، نعتز به وننتمي إليه، ويسكن حمض خلايانا، تماما كسائر الصفحات التي تشكل مجتمعة هذا المزيج الحضاري الذي أصبحنا إليه اليوم، والذي عبر عنه المؤرخ فيليب حتي خير تعبير حين كتب: (لا جدال في أن لبنان يستطيع أن يفخر على أي قطعة جغرافية، مساحتها مساحته، ليس بعدد الحوادث الجسام التي جرت على أرضه وحسب، بل يستطيع أن يباهي بمعنى هذه الحوادث وقيمتها وأهميتها العالمية، فهو بلد كوني لأن تاريخه في الواقع جزء من تاريخ عالمنا المتحضر”.
ولفت الى انه “في الزمن القديم كانت الزنود التي تضرب الموج بالمجاذيف وسيلة الشاطئ اللبناني لإحكام السيطرة الاقتصادية على شواطئ كثيرة، وفي هذا الزمن ما زالت الزنود التي تلوح قبضاتها في وجوه الأعداء، -ومنها ما شهدناه بالأمس من موقعة بطولية بين رجال جيشنا الباسل في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية-، ما زالت تلك الزنود وسيلة لبنان الفعالة للصمود في وجه عدو الإنسانية التي زرعته يد الشر الى الجنوب من حدودنا، حتى إن وجود الوطن مرتبط حتما بقضية الانتصار للحق والقيم، في الصراع مع عدو لا يعرف لهما قدرا. وليس سلاح أمضى وأكسب للنصر من سيف ذي حدين: الوعي الوطني والوحدة الوطنية”.
وتابع المرتضى: “تعلمون أن لا خلاص لنا الا عبر الاستمساك بهذين المبدئين، ما يفرض علينا الجهاد لتحقيقهما كل من موقعه وكل بحسب مسؤولياته، ونحن بدورنا في وزارة الثقافة جعلنا من أبرز مقاصدنا عملية بث الوعي الجامع للبنانيين، على اختلاف مناطقهم وانتماءاتهم، حفظا لتراثنا الضارب في أعماق التاريخ، وصيانة لمستقبلنا المطل على شرفة الإبداع الحضاري. كذلك لم نحد قيد أنملة عن دعوة المواطنين إلى التضامن والوحدة، وإلى التشبث بحقوقهم وحمايتها”.
وقال: “فمما لا شك فيه أن الأزمات المتنوعة التي نرزح تحت وطأتها، هي نتيجة مباشرة لسياسات جرى اعتمادها وتطبيقها وهي في الحد الأدنى غير موفقة لكن مما لا جدال فيه ايضا أن ازماتنا الراهنة هي نتاج حصار يديره الكيان الغاصب ومن وراءه وهو الكيان الذي يشكل وجوده النموذج النقيض للبنان المتعدد في وحدة، والواحد في تنوع. لكنها ليست سوى صورة جديدة من صور الصراع الدائم الذي خاضه وطننا على كر العصور وانتصر فيه وبقي لنا وسنبقيه بإذن الله لأجيالنا الطالعة”.
ودعا إلى “الوحدة واعتماد الثقافة والنقاش الهادىء، لكن لبنان الوطن الذي استطاع أن يكون مصهرا للثقافات ومنشئا للحضارات، يحزن اليوم كثيرا إذا رأى أبناءه أو بعضا منهم يتغنون بماضيه ويهملون مستقبله، حين يطلقون دعاوات لا تساعد على تحقيق الوحدة بين المواطنين. وقد قلنا في مناسبة سابقة: لم يعبر الفينيقيون البحر أشخاصا فرادى، بل تشابكت زنود رجالهم من المدن البحرية كلها، وهم يخبطون الموج بالمجاذيف والريح بالأشرعة، في أساطيل على مد النظر. هكذا، متحدين، غلبوا بالقوة الصعاب، واقتحموا البحر، وأنشأوا لهم مرافئ ومدائن في المقلب الآخر منه. وهكذا نحن، بالوحدة في ما بيننا، وبالقوة التي لنا، وبإعتماد الثقافة غاية والنقاش الفكري الهادئ الرصين وسيلة، نكون جديرين بهذا الوطن وفخورين بتركه لأولادنا سيدا حرا مستقلا.”
وأردف: “إن الوعاء الأبجدي يضيق جدا بالعصبيات وبأصوات النشاز التي تزمجر بلا هوادة من غير أن تفيد في شيء إلا الضوضاء. ونعيد إن لنا في صناعة الأبجدية إرثا عظيما فلا نبددنه كما فعل الابن الشاطر في المثل الإنجيلي، لأننا إذا أضعنا ميراثنا، فقد لا نجد لنا من يقبل منا عودة.”
وخص المرتضى ابي نصر بتحية حيث قال: “أما أنت أيها المميز نعمةالله المسكون بشغف بلبنان لا حدود له صيغة عيش فريدة ووطن نهائي لأبنائه جميعا. فيسجل لك بأحرف من نور أنك مارست تلك الهواية في اصطياد الأيام لإبتكار الأعياد الوطنية، كي تترسخ في أذهان الأجيال الطالعة قيمة الانتماء إلى لبنان الأرض والتضحيات والموروث والكيان.
أطال الله بعمرك ومدك بالصحة والعافية وأنا شخصيا الى جانبك في خدمة مشاريعك الوحدوية التوعوية.كل عيد وأنتم بألف خير، عشتم جميعا وعاش لبنان”.
أبي نصر
بدوره ألقى أبي نصر كلمة قال فيها: “صحيح أن عيد الأبجدية الذي أقره مجلس النواب اللبناني، مستمد من مفخرة التاريخ الفينيقي لابتكاره حروف اللغات. لكن الصحيح أيضا، هو أن يوم الأبجدية هو يوم لكل البشرية وهدية لبنان إلى العالم”، لافتا الى ان “الإنتشار الكنعاني -الفينيقي القديم الذي نشر وعلم أبجديته في الشرق وفي بلاد الإغريق وأوروبا، أرسى لغة التواصل والتخاطب والتفاهم والتبادل بين شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط، فكرا وتجارة. بالتجارة، كما في الحرف، بشروا بالسلام بين الشعوب، وتبادلوا المعارف والعلوم، جمعوا ولم يفرقوا، قربوا الحضارات واختصروا المسافات،
ليس من قبيل الصدف، اعتبار الإتحاد الأوروبي في دستوره الأساسي، أن الحضارة الفينيقية هي في أساس الحضارة الأوروبية الحديثة، وقد سبق له، أن نظم رحلة علمية بحرية، على شواطئ أوروبا الجنوبية تحت عنوان “على طريق الفينيقيين”.
أضاف: “سبق لي، أن قدمت عدة اقتراحات قوانين حول مواضيع وطنية مختلفة، اثنان منها لم يبصرا النور: الإقتراح الأول: تخصيص يوم وطني لذكرى المجاعة الكبرى ومآسي الحرب الكونية الأولى على لبنان 1915-1918، الإقتراح الثاني: إعتبار أول أيلول من كل سنة ذكرى إعلان دولة لبنان الكبير.
في الإقتراح الأول جاء في أسبابه الموجبة، نتيجة الحرب والحصار التمويني – التجويعي المقصود الذي ضربه جمال باشا السفاح على لبنان. وما نتج عنه من مآس وويلات، أصابت مختلف المناطق والفئات اللبنانية، وبصورة خاصة أبناء جبل لبنان والمدن الساحلية بما فيها بيروت. مات من مات واستشهد من استشهد، جوعا ومرضا وذلا وقهرا وتشريدا، على مدى ثلاث سنوات متتالية. تحولت القرى والدساكر إلى شبه مقابر جماعية، ولم تكد تضع الحرب أوزارها، وقد صارت القرى يباسا ومن بقي من أهلها في حالة يأس ونزاع بين الموت والحياة. انتهى الأمر إلى مقتل واستشهاد ما يقارب ثلث سكان الجبل بسبب الحرب والجوع والأمراض. وتشريد الثلث الثاني هجرة وتهجيرا، في بقاع الأرض كافة، هؤلاء هم من أجدادنا وأهلنا الذين نزحوا وهجروا بفعل الحرب والاضطهاد، إنهم أبناء لبنان المغتربين الذين بالكاد بعد جهد وجهاد وعناد، توصلنا أخيرا إلى إشراكهم في ممارسة حقهم في الإنتخابات النيابية، في أماكن وجودهم اقتراعا وترشيحا وتمثيلا في المجلس النيابي.أما الثلث المتبقى، فبالكاد استطاع أن يستمر على قيد الحياة، فتشبث بعناد بأرضه، ونحن كلنا في هذه القاعة أحفاد هذا الثلث الذي ثبت وجاهد في سبيل استقلال لبنان وحرية شعبه”.
وتابع ابي نصر: “إن كل هذه المآسي، التي لحقت بأجدادنا الذين حصدتهم المجاعة وفتكت بهم من دون تمييز (وشاب وصبية، وبين طائفة ومذهب، وبين منطقة وأخرى)، تحتم علينا نحن الأحفاد، تخصيص يوم واحد للذكرى والتذكير، يوم، يقف فيه شعبنا، مترحما على الضحايا البريئة من أهله، متذكرا آلامهم ومعاناتهم، وتضحياتهم وصمودهم، مستخلصين العبر والأمثولات، إن في ذلك، قيمة لنا نحن الأحياء، لأن الدول الراقية، تكرم مآسي الأجداد ولا تنسى عذاباتهم ومعاناتهم في سبيل استمرارية الأوطان، لأن في الذكرى عبرة، وفي العبرة حياة متجددة لأوطان تتعظ من الفواجع التي حلت بها، أما بالنسبة للإقتراح الثاني، اعتبار الأول من أيلول من كل سنة، يوم ذكرى إعلان دولة لبنان الكبير، الذي وضع لتخليد حدث تاريخي مفصلي، يرمز إلى وحدة الشعب اللبناني بتنوعه، ووحدة أراضيه وعيشه الواحد ونهإية الكيان اللبناني. وبعدما وضعنا الأسباب الموجبة لهذا الإقتراح، سجل حسب الأصول وفي مجلس النواب، نوقش وبعد نقاش طويل أحيل إلى لجنة الإدارة والعدل، حيث أسقط في أول جلسة لها”.
وقال: “عندما طالب البطريرك الحويك بدولة لبنان الكبير، وضم الولايات العثمانية الأربعة له، راهن أمام اللبنانيين والعالم، أنه يمكن للارادتين وللايمانين الإسلامي والمسيحي، أن يؤسسا معا لدولة واحدة موحدة، أرضا وشعبا ومؤسسات، وذات سيادة وعيش مشترك، ليكون لبنان قدوة للعالم مثلا ومثالا يحتذى به، كما وصفه البابا يوحنا بولس الثاني، وليس مرتعا لصراع الحضارات والأديان والمذاهب. الأمر الذي لم يتحقق بعد في أية دولة من دول العالم، لا في دول البلقان ولا في قبرص والسودان والهند والباكستان ولا في الفيليبين وغيرها. اليوم، بعد تجربة دامت مائة عام وعامين هل سقط الرهان؟
رهان العيش الواحد؟ رهان الدولة الواحدة الموحدة أرضا وشعبا ومؤسسات؟ حذار من سقوطه لأن تداعيات سقوطه ستكون وخيمة وستطاول الجميع في لبنان والعالم”.
وأضاف: “عند إعلان دولة لبنان الكبير، بحدوده الحاضرة في الأول من ايلول 1920، جاء من يقول للبطريرك الحويك (يا سيدنا خليك الأول في لبنان الصغير ولا الثاني في لبنان الكبير). حذار من سياسة التلاعب بديموغرافية هذا الوطن وجغرافيته، هذه السياسة التي اعتمدتها معظم حكومات ما بعد الطائف، عن طريق التجنيس المخالف للقانون وللدستور (المادة 6 من الدستور)، والتوطين، (تقريراحمد فتفت للجنة الحوار) والتهجير، والهجرة (وعدم معالجة أسبابها، تتذكر بلدتي الدامور والجية وبعض قرى الشوف) والإمعان في بيع الأرض من غير اللبنانيين في العاصمة ومناطق جبل لبنان ومحيط صيدا وطرابلس وغيرها…(نذكر معالي وزير المالية بالمادة 11 تملك الاجانب).
لقد سبق ووقفنا بوجه سياسة التمييز والمفاضلة بين منطقة وأخرى إنمائيا، وبين مواطن وآخر في إدارات الدولة ومراكز القرار، كل ذلك لصالح طائفة على حساب أخرى.
علما أنه لا يمكن لأي طائفة مهما كثر عددها، وعظم شأنها، وكبرت إمكاناتها، أن تستأثر بالحكم في لبنان ولنا من تجارب الماضي العبر. هنا نتذكر أين أصبحت المارونية السياسية؟ وماذا نفذ من كلام والتزام دولة الرئيس رفيق الحريري يصرخ في قاعة مجلس النواب: أعطيناكم التصف بضمانة خادم الحرمين الشريفين، وملك المغرب، وجامعة الدول العربية ومجموعة الدول الاوروبية وقفوا العد، لا، لا يا دولة الرئيس لا النصف تحقق ولا العد توقف”.
وتابع: “يجوز لأسباب وجيهة ومحقة انشاء محافظة في الجنوب (النبطية) كذلك يجوز في البقاع انشاء محافظة (بعلبك الهرمل) وفي الشمال انشاء محافظة (عكار) اما في جبل لبنان انشاء محافظة كسروان جبيل عاصمتها جونيه فهي مسألة فيها نظر وان كانت قد أنشأت بقانون صدر عن مجلس النواب حسب الاصول ونشر مع أسبابه الموجبة في الجريدة الرسمية”.
وتوجه الى الوزير المرتضى بالقول: “أملنا في هذه السنة وفي كل سنة، أن تحدث هذه المناسبة، مناسبة يوم الأبجدية وعيدها، صدمة إيجابية، تجمع أبناء هذا الوطن، مقيمين ومنتشرين، حول ما يجمعهم من قواسم تاريخية مشتركة، غير طائفية، غير مذهبية، غير عرقية، وغير مناطقية لتعزز التلاحم، وتؤكد التواصل والحوار وترسخ الإنتماء والولاء لهذا الوطن لأنه بدون الإنتماء والولاء لا أوطان”.
كسبار
ولفت نقيب المحامين ناضر كسبار في كلمة الى أن “اللغة هي اداة تخاطب وتواصل وتبادل افكار تقرب الحضارات من بعضها البعض وتجعلها تتفاعل وتنمو وتحصر المسافات، فمن الاولى من لبنان ان يحتفل بعيد الابجدية وهو الذي صدر الحرف الى العالم وكان اساس النهضة العربية”.
وتخلل الحفل الذي قدمه الاعلامي والكاتب روني ألفا مداخلات وقصائد شعرية من وحي المناسبة لكل من الدكتور يوسف الحاج والشاعر أنطوان سعادة.