شاركت المديرة العامة ل “منظمة المرأة العربية” الدكتورة فاديا كيوان في الندوة التي نظمتها المملكة المغربية على هامش اجتماعات الدورة رقم 68 للجنة المرأة في الامم المتحدة، بعنوان” التمكين الاقصادي للنساء والفتيات كرافعة لتحقيق الإدماج ومواجهة الفقر”، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة المرأة العربية.
وقالت كيوان في مداخلتها التي حملت عنوان “التمكين الاقتصادي للنساء كرافعة للقضاء على الفقر”: “على الرغم من قسوة الظروف فأننا كعرب لم نأت لنشكو او لنبكي بل لنتشاور فيما بيننا وكذلك مع أهل الخير في العالم اجمع ومحبي السلام، عن كيفية إنقاذ التشريعات الدولية واقترحت ان يتم رفع ملاحظات وتوصيات بهذا المعنى إلى الأمم المتحدة”.
واشارت الى ان “انخراط النساء في الحياة الاقتصادية ضرورة شخصية للمرأة لتحقق ذاتها فتستكمل بذلك بناء شخصيتها المستقلة، فلا تعود عبئا على أحد. كما وأن المرأة المكتفية اقتصاديًا يمكن أن تساهم في دخل أسرتها ومشاركة زوجها فعليًا في تحمل أعباء الأسرة، بالإضافة إلى مساهمتها المباشرة في الدخل القومي”.
ولفتت الى ان “الأرقام المساندة لهذه النظرية مدهشة كون النساء يشكلن نصف المجتمع تقريبا من الناحية الديموغرافية. فأرقام الدخل القومي تتضاعف فيما لو شاركت النساء، كل النساء في فئة القوة العاملة في عمل اقتصادي ذو انتاجية ومردود مالي.
كذلك فإن الجهود التي بذلت في العقود الأخيرة على مستوى الدول العربية من أجل توفير أفضل الشروط لانخراط الفتيات في التعليم العام وكذلك في التعليم الجامعي، إن هذه الجهود قد أثمرت زيادة ملفتة في نسبة الفتيات في النظام التربوي. أما الفجوة التي كانت موجودة سابقًا بين الجنسين فقد تقلصت وأحيانًا اختفت. كذلك نلاحظ زيادة ملموسة في نسب دخول الطالبات إلى مؤسسات التعليم العالي وتخرجهن بنتائج استثنائية أحيانا”.
واضافت: “لكن هناك سؤالان يتبادران إلى ذهننا: لماذا تتعلم المرأة؟ والآن إلى أين؟ تحمل العقود السابقة مشاهد كثيرة مقلقة بالرغم من كل ما تقدم. فيلاحظ تدني نسبة انخراط الخريجات في العمل الاقتصادي بالمقارنة مع نسبتهن في التعليم العالي. كذلك نواكب باهتمام التحديات التي واجهت وتواجه النساء عندما يحاولن التوفيق بين المهام المنزلية والمهام الوظيفية. وهناك بالطبع معالجات عدة انطلقت لتخفيف الأعباء عن النساء العاملات. لكن اليوم نحن نتطرق إلى موضوع أكثر خصوصية هو تمكين النساء اقتصاديًا للقضاء على الفقر. فلم يعد الموضوع شخصيًا ولا خاصًا بكل امرأة ولا هو ترف مجتمعي بل هو حاجة مجتمعية ماسة”.
وشددت على ان “القضاء على الفقر يشكل أول هدف من لائحة أهداف التنمية المستدامة ويليها القضاء على الجوع في الهدف الثاني. وهذا التحدي يواجه الفئات الشعبية المعدمة الامكانات. والمفارقة أن هذه الفئات هي الأكثر حاجة إلى العمل للخروج وأسرها من الفقر ولمحاربة المجاعة وهي الأقل إعدادًا والأقل فرصًا في إيجاد عمل مستدام يقيهن البؤس والحرمان. من هنا تصبح عملية تمكين النساء اقتصاديًا أكثر أهمية لأنها المدخل الذي سيسمح لهن بالعمل المنتج وبالتالي تحقيق الاستدامة المرجوة التي بدورها تعزز الاستقرار وتوفر الحماية للأشخاص وللأسر الفقيرة.تلك مفارقة أولى، ولكن هناك مفارقة ثانية. لأن هذه الفئات ليست قادرة بذاتها على تحقيق النقلة النوعية من الفقر إلى الاكتفاء الاقتصادي ومن الحرمان إلى الأمان. فهي بحاجة ليأخذ بيدها صاحب مبادرة أي بكلام آخر، فإن القضاء على الفقر بحاجة إلى مبادرة من صانعي القرار السياسي في المجتمع لأنهم هم قادته. وبالتالي فإن رسم السياسات الاجتماعية الإدماجية هو المفتاح لتسلك المجتمعات طريقا مستداما في القضاء على الفقر وتحقيق التنمية”.
واردفت: “فالبرلمانات والحكومات والآليات الوطنية الخاصة بالميادين الاجتماعية وتلك الخاصة بالمرأة، هي الجهات التي تقع عليها مسؤولية المبادرة. والموضوع لا يختزل في أعمال اجتماعية وخدمات اجتماعية من هنا وهناك، بل يكون ذلك بتجاوز الأعمال العابرة نحو رؤية استراتيجية متكاملة تنطلق من معطيات إحصائية ومعلومات مثبتة علميا، فتستشرف المستقبل وتضع أهدافا فرعية للهدف العام والذي هو القضاء على الفقر. وعلى أي خطة توضع لهذا الغرض أن تقدر الموارد المادية والبشرية اللازمة وتحاول حشدها بشكل يحقق تدريجيا هدف القضاء على الفقر. نحن نقدر المسؤولية التي تقع على أكتاف الحكومات وكذلك أكتاف الآليات الوطنية الخاصة بالمرأة لأن وضع السياسات والخطط يستلزم وجود موارد ليست دائمًا متاحة بالقدر الكافي بل هناك حاجة لخيارات استراتيجية ومنها خيار القضاء على الفقر”.
وتابعت: “يبقى أن نشير إلى أن مردود القضاء على الفقر هو مردود مجتمعي يطال كل الفئات ويطال الاستقرار والأمان للجميع وبالتالي يستحق تسخير الموارد له.
ولا يخفى علينا أن تجارب الدول العربية في القضاء على الفقر وفي تمكين النساء اقتصاديًا لبلوغ هذا الهدف انما تسلك مسارات مختلفة حسب الدول.وهنا تكمن أهمية هذه الفعالية العربية لأنها ستسمح بتبادل الرأي والتشارك في المعلومات واستخراج العبر.
واملت ان “تصل هذه الجلسة الى توصيات تلهمنا جميعً في عملنا المستقبلي في إطار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.لكنني استدرك وأضيف، أنه لا يتعين علينا أن نسعى لتحقيق هذه الأهداف هدفا تلو الهدف، لأن رؤيتنا يجب أن تكون استراتيجية وشاملة وأن نعي وجود تفاعل فيما بين تلك الأهداف وتاليا وجود تفاعل بين كل الأنشطة والبرامج التي يتم تنفيذها في كل الميادين. حتى أنه بإمكاننا أن نقيس حسابيًا مردود كل هدف إيجابيًا أو سلبيًا على الآخر. فتحقيق الأهداف السبعة عشر يجب أن يسير على قدم وساق فيها جميعا”.
وختمت: “أجدد شكري للمملكة المغربية على اتخاذها هذه المبادرة لعقد فعالية في موضوع بهذه الأهمية وانتهز الفرصة لأحيي جهود المملكة الكبيرة والناجحة حتى الآن في تمكين النساء اقتصاديا في العديد من المجالات الاقتصادية، من مجال الاقتصاد الريفي والزراعي وإنشاء مؤسسات صغيرة الحجم ودعم ذوي الحاجات الخاصة وتعزيز الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين وتوفير بيئة صديقة للنساء العاملات واتخاذ تدابير خاصة لتخفيف الأعباء عنهن. كل ذلك جرى ويجري تحقيقه من خلال وزارة التضامن والادماج الاجتماعي والأسرة في إطار رؤية استراتيجية للمملكة يساهم كل من موقعه في تنفيذها، ونحن نطمئن لأنها بين أياد أمينة ومتعاونة.إن تجربة المملكة المغربية تستحق أن تكون قدوة في العديد من المجالات”.