عقد المؤتمر الوطني في الذكرى الـ33 لإبرام اتفاق الطائف، بدعوة من السفير السعودي وليد بخاري في قصر “الأونيسكو”، في حضور وزير خارجية الجزائر الأسبق الأخضر الإبراهيمي، الرئيس ميشال سليمان، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الرئيس نبيه بري ممثلا بالنائب الحاج قبلان قبلان، الرئيس فؤاد السنيورة، المطران بولس مطر ممثلا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ، مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، شيخ عقل الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى، الوزراء: زياد المكاري، جوني القرم، جورج كلاس، أمين سلام، وليد نصار، عباس الحاج حسن، ناصر ياسين وبسام مولوي، النائب سيزار ابي خليل ممثلا رئيس “تكتل لبنان القوي” النائب جبران باسيل، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا، النواب: فادي علامة، ياسين ياسين، أكرم شهيب، ابراهيم منيمنة، عناية عز الدين، حسن مراد، بلال عبدالله، وليد البعريني، أشرف ريفي، سامي الجميل، هاغوب بقرادونيان، آلان عون، عبد الرحمن البزري، غادة أيوب، بيار بو عاصي،غسان حاصباني ، شوقي الدكاش، فادي كرم، مروان حمادة، طوني فرنجية، وائل بو فاعور، فؤاد مخزومي، ميشال معوض، نعمة افرام، كميل شمعون، ، وضاح الصادق، ياسين ياسين، عبد الكريم كبارة وفيصل الصايغ.
وحضر ممثلا عائلة الشهيد رفيق الحريري شقيقه شفيق الحريري.
وحضر الوزراء والنواب السابقون: سليم جريصاتي، ادمون رزق، بطرس حرب، ايلي الفرزلي، نهاد المشنوق، اوديس كيدانيان، مروان شربل، زياد بارود، سامي فتفت، فارس سعيد، طارق المرعبي، روني عريجي، طارق متري، طلال المرعبي، هادي حبيش، احمد فتفت، سمير الجسر، ونعمة طعمة، رولا الطبش، وفد من “تيار الكرامة” مثل النائب والوزير السابق فيصل كرامي، وحشد من السفراء العرب والأجانب والسياسيين والإعلاميين.
بعد كلمة افتتاحية، ألقاها الزميل وليد عبود، تم عرض فيديو خاص عن توقيع اتفاق الطائف وأهميته في بناء لبنان ومساهمة الحريري في إعادة إعمار لبنان ما بعد الطائف.
بخاري
ألقى السفير بخاري كلمته حول توقيت المؤتمر والرسالة منه والمضامين الذي يحملها، وقال: “بداية أتوجه بالشكر لكل المشاركين والمشاركات في هذا المنتدى الذي يعكس اهتمام وحرص المملكة العربية السعودية، وهي الرسالة اليوم.
إن قيادة المملكة الرشيدة تحرص على الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة لبنان، والأهم في هذا التوقيت هو ان نحافظ على الوفاق الوطني الذي هو تجسيد لمرحلة مر بها لبنان وشعبه الشقيق، لذلك ارتأت جامعة الدول العربية وانبثق منها اللجنة الثلاثية التي حرصت برعاية خادم الحرمين الشريفين رحمه الله الملك فهد بن عبد العزيز ودعم وجهود الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي تكللت بمخرج يعكس الحفاظ على امن واستقرار لبنان.
اليوم في أمس الحاجة الى ان نجسد صيغة العيش المشترك في ركائزه الأساسية التي عالجها اتفاق الطائف وخاصة في تحديد محورية الكيان اللبناني والحفاظ على هوية لبنان وعروبته.
لقد حرصت المملكة وتحرص والمجتمع الدولي الذي يتمسك بمضمون اتفاقية الطائف من منطلق الحفاظ على صيغة العيش المشترك والبديل لن يكون الا مزيد ا من الذهاب الى المجهول لا قدر الله.
نحن نعول دائما على حكمة القادة في لبنان وعلى تطلعات الشعب اللبناني الذي يسعى دائما للعيش بأمن واستقرار”.
وعن المبادرة الفرنسية لإطلاق حوار لبناني مشترك وبعد زيارة للسفير بخاري الى باريس أجاب: “أؤكد حرص الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال زياراتنا الى الاليزيه للقاء مستشاري فخامته، فقد طرحنا سؤالا حول احتمالية في نية فرنسا لدعوة القادة إلى لقاء وحوار وطني، أكدوا لنا أنه ليس هناك أي نية في طرح لدعوة أو نقاش طائف أو تعديل دستور”.
الابراهيمي
الإبراهيمي تحدث حول إمكان ان يكون الطائف “جوهرة لحل الأزمة اللبنانية”، وقال: “أود أن أشكر سعادة السفير على الحفاوة والدعوة، واسمحوا لي أولا أن أتوجه بتحية خاصة إلى الرئيس حسين الحسيني وإن لم يحضر، لما كان له من دور في اتفاق الطائف وما قبله، وقاد عمل النواب بحكمته الكبيرة، واتوجه بالتحية الى النواب الذين ساهموا بالطائف وهم معنا اليوم واترحم على من غادرنا منهم، وأخص مقدمة الشكر الرئيس رينيه معوض، الذي كان رئيس الطائف وشهيده. كما أود أن أترحم أيضا على روح الشهيد رفيق الحريري والوزير السعودي للشؤون الخارجية السعودية سعود الفيصل، اللذين كانا بطلين من أبطال الطائف، وعملا مع النواب أكثر من أي جهة أخرى”.
وعن الهدف من اتفاق الطائف فقال: “الهدف من اجتماع الطائف والهدف من العمل الذي أوصلنا إلى اتفاق الطائف والهدف الذي تحقق في الطائف كان يعني أولا وقبل كل شيء إلى إنهاء الحرب. ثانيا الى ملء الشغور الذي حل بعد انتهاء ولاية الرئيس امين الجميل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. ثالثا فتح الطريق أمام اللبنانيين جميع اللبنانيين لبناء دولتهم الجديدة وكان هناك أمل كبير ألا يتوقف عمل اللجنة الثلاثية بالخروج من الطائف، بل أنها ستواكب عمل لبنان من أجل إعادة بناء الدولة وإعمار لبنان.
ومما يجب ألا ننساه أن هذه الإرادة التي كانت عند الرؤساء الثلاثة: الملك فهد بن عبد العزيز والملك الحسن الثاني والرئيس الشاذلي بن شديد، ومع الأسف أصيبت إصابة بالغة بسبب احتلال الكويت من قبل العراق والحرب التي أتت بعدها. لقد أوقفت حرب الخليج عمل اللجنة الثلاثية التي كانت تريد أن تستمر في مواكبة تنفيذ الطائف وهذا لم يحصل”.
السنيورة
وتحدث السنيورة قائلا: “أود بداية أن أشكر سعادة السفير السعودي على فتح باب الدعوة لهذا اللقاء لإحياء هذه الذكرى وبالتالي تأكيد وتعزيز العمل من اجل استكمال تطبيق اتفاق الطائف وتصحيح الممارسات التي أدت إلى هذه الأخطاء وهي ليست في صلب اتفاق الطائف حقيقة ولكنها من خلال الممارسات والاجتهادات التي شهدنا منها الكثير خلال هذه الفترة”.
أضاف: “أود الاستشهاد بأمرين:
1- ان الكلام الذي اطلقه البطريرك الياس حويك في مؤتمر السلام في باريس عام 1919 حيث قال: إننا نطالب بكيان وطني وعلى أساس الوطنية السياسية لا الدينية، وهو ما يحدث للمرة الأولى في تاريخ هذا الشرق.
ان الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من هذه التجربة اللبنانية القائمة على التنوع تفيد بأن لبنان كونه بلد العيش المشترك لا يقوم ويدوم ويترقى على أساس موازين القوى المتغيرة بطبيعتها أي على منطق الغلبة التي قد تنتقل حسب هذا المفهوم من مجموعة إلى أخرى بحسب تغير تلك الموازين، وبحسب تغير الظروف الداخلية او تغير موازين القوى الاقليمية الدولية، بل يقوم على قوة التوازن المستدام الذي يحقق الاستقرار الوطني والسياسي والاقتصادي والثقافي والمعيشي.
2-إن ما بينته الوقائع وعلى مدى سنوات طويلة أن لا حل طائفيا أو فئويا لأي مشكلة طائفية في لبنان، بل هناك حل واحد ينبغي أن يكون وطنيا وللجميع، ذلك أن لبنان وهو وطن الرسالة كما سماه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني “يقوم بالجميع أو لا يقوم، وللجميع أو لا يكون”.
“أعتقد أنه بداية ما يجب أن نقوم به الآن وهو انتخاب رئيس الجمهورية فعندها تكتمل السلطات الدستورية ليبقى بعد ذلك الالتفات لوضع ممارسة صحيحة لتنفيذ اتفاق الطائف ولاستكمال تطبيقه. وهنا اؤكد انه في كل دساتير العالم، إن لم يتوفر حسن النية فبالتالي تصبح الدساتير عرضة لكثير من الاختلالات، وتصبح شرعة الدساتير التي اختصها اللبنانيون في خطر وهي التي كانت صناعة لبنانية بالكامل وجاءت استجابة لمصلحتهم ، اللبنانيين كل اللبنانيين”.
وختاماً: “اعتقد ان هذا الامر يجب أن يكون همنا الأساس وعند انتخاب رئيس جديد الذي يفترض ان يكون شخصيا مؤمنا حقيقة باتفاق الطائف وان يرعى عملية العودة الى تطبيقه بشكل صحيح”.
جنبلاط
بدأ مداخلته قائلا: “هذه القاعة تعود بي بالذاكرة 50 عاما إلى الوراء، حينما كان اليوم الأربعين لكمال جنبلاط، وهنا بدأت بحياتي السياسية”.
واستذكر المحطات السياسية والعسكرية التي سبقت الوصول إلى إتفاق الطائف، فأشار إلى أنه “سنة ١٩٨٨، تشكلت اللجنة السداسية العربية وكان هدفها مساعدة لبنان على إنتخاب رئيس، وخرجت بتوصية أن سوريا كانت وراء عرقلة الحل، هذا كان انطباعنا آنذاك، وفي آذار ١٩٨٩ أطلق ميشال عون “حرب التحرير” المدمرة التي أوصلت البلاد إلى درجة غير مسبوقة من الدمار والضحايا بإستثناء القصف الإسرائيلي على بيروت الغربية سنة ١٩٨٢، فكان القصف والقصف المتبادل طوال أشهر”.
ولفت جنبلاط إلى أنه “في تلك الأثناء، شكلت اللجنة الثلاثية العربية العليا، وحينها كان مقر إقامة اللجنة التي كانت تضم الشيخ صباح الأحمد جابر الصباح (رحمه الله) والأمير سعود الفيصل (رحمه الله) والسيد الأخضر الابراهيمي في فندق البستان، وقد تعرض إلى قصف مدفعي من قبل مدفعية “الحزب التقدمي الاشتراكي”، وهو الأمر الذي أدنته مع الشيخ صباح والأمير سعود، واليوم أدينه أمامكم وأعتذر، وقد شكلت اللجنة في قمة الدار البيضاء في ٢٦ أيار ١٩٨٩ لإيجاد مخرج للأزمة اللبنانية في غضون ستة أشهر، وقد ضمت اللجنة الملك السعودي فهد بن عبد العزيز، والرئيس الشاذلي بن جديد، والملك الحسن الثاني. وتم تحميل ميشال عون المسؤولية عن تدهور الوضع، وكان السيد الأخضر الابراهيمي ممثل الجامعة العربية في هذه اللجنة”.
وأضاف: “في صيف ١٩٨٩، قررت أنه من الضروري القيام بعمل ما لتغيير مسار الأمور للخلاص من هذه المحنة، واستشرت القيادة السورية، بالتحديد العماد حكمت الشهابي (رحمه الله) رئيس أركان الجيش العربي السوري آنذاك، إذ نبهني إلى أن جبهة سوق الغرب محصنة وفيها أفضل ألوية الجيش اللبناني الموالية لعون. لكنني أصريت على المغامرة. وطلبت من المقدم رجا حرب (شفاه الله) قائد جيش التحرير الشعبي (قوات الشهيد كمال جنبلاط) آنذاك خوض المعركة ومحاولة الاستيلاء على سوق الغرب وعلى تلة ٨٨٨ الاستراتيجية، فكانت المعركة في ١٣ آب ١٩٨٩ التي خاضها الحزب التقدمي الاشتراكي وجيش التحرير الشعبي وحيدا، وفي ذاك النهار المشهور والمشهود، كان نهارا حافلا بدوي الراجمات والمدافع والرصاص منذ الخامسة فجرا حتى الرابعة بعد الظهر، موعد وقف إطلاق النار”.
“إذ لم يتحقق الهدف العسكري بالاستيلاء على تلة ٨٨٨ وسوق الغرب، إلا أنه منذ تلك اللحظة، ساد الهدوء الكامل على الجبهات كافة وتوقفت المدافع عن القصف والقصف المضاد على كل المناطق”، معتبرا أن “هذه المعركة برأيي، بشكل أو بآخر، حركت التاريخ، وشهداء جيش التحرير الشعبي فتحوا طريق السلام، طريق الطائف. وفعلا، إبتدأت رحلة الطائف. لقد أثمرت المغامرة”.
وأشار جنبلاط إلى أنه “في بنود الطائف المتعددة التي لم تطبق، ورد إنشاء مجلس الشيوخ. من أين أتت هذه الفكرة؟ ورد هذا المطلب من بين مطالب عديدة أخرى في المذكرة التي رفعتها الهيئة العليا للطائفة الدرزية إلى المسؤولين والرئيس أمين الجميل في أيار ١٩٨٣. كانت الهيئة العليا تضم الأمير مجيد أرسلان، سماحة شيخ عقل الدروز الشيخ محمد أبو شقرا والعبد الفقير وليد جنبلاط، حيث كان الجبل محتلا من قبل إسرائيل ترافقها بعض الميليشيات اليمينية، وقد قررنا آنذاك وصولا إلى حل مقبول، بسحب الميليشيات وإرسال الجيش محل القوات الإسرائيلية، وهذه المذكرة كاملة سأعرضها على الجمهور لاحقا”.
وأضاف: “إصطدمنا مع النظام السوري الذي رفض بشكل قاطع مجلس الشيوخ، وكان سبب الرفض حينها أن النظام السوري لم يكن يريد إعطاء دروز لبنان إمتيازا إضافيا قد ينعكس على دروز جبل العرب، إنها الحساسيات التاريخية أو الهوس التاريخي للنظام السوري من تضحيات جبل العرب بدءا من ثورة الاستقلال السوري سنة ١٩٢٥- ،١٩٢٧ إلى الأمس القريب”.
وقال: “لكن، بالرغم من تعاطف العماد حكمت الذي تاريخيا، لعب دورا في إنصاف الدروز في سوريا من جبل السماق إلى جبل العرب، وعمل على تصحيح مغالطات وإساءات بحقهم، وهنا على سبيل المثال، في حرب ١٩٧٣، عندما استعاد الجيش العربي السوري القسم الأكبر من الجولان وصولا إلى بحيرة طبريا، الى جسر بنات يعقوب، فقد العقيد رفيق حلاوي، فخرجت الإشاعات بأنه إلتحق بإسرائيل، ثم وجد العقيد لاحقا محترقا في دبابته التي كانت في مقدمة الركب، وكان ذلك بنتيجة عمل العماد حكمت، وقد أصرينا على مطلب مجلس الشيوخ وساعدنا في هذا المجال الشهيد رفيق الحريري والقيادة السعودية، وعليه وضع مبدأ مجلس الشيوخ لكنه ربط بالبند القائل: “مع إنتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي، يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته بالقضايا المصيرية”.
وسأل : “لماذا مطلب مجلس الشيوخ برئاسة درزي؟ في إطار إعادة توزيع الصلاحيات بين الرئاسات، يحق لنا كشريحة عربية إسلامية ومؤسسة في لبنان أن يكون لنا هذا الدور وهذا الموقع. لن نقبل أن نخسر في السلم بمعزل عما ربحنا في الحرب”.
وشدد جنبلاط على أن “قبل البحث في تعديل “الطائف” وحوار هنا وهناك، يجب تطبيقه وصولا إلى إلغاء الطائفية السياسية، التي هي كما ورد في الطائف “هدف وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية، وعلى مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين إتخاذ الاجراءات الملائمة لتحقيق هذا الهدف وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، تضم بالاضافة إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية. مهمة الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية السياسية وتقديمها إلى مجلسي النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية””.
أضاف: “من قال أننا نخاف أو نهرب من إلغاء الطائفية السياسية، المطلب التاريخي لكمال جنبلاط والحركة الوطنية اللبنانية على مدى عقود؟ من قال أنني وريث كمال جنبلاط معارض لإلغاء الطائفية السياسية؟ لكن تفضلوا شكلوا هذه اللجنة، وصولا إلى أن نحدث التغيير النوعي والكمي على الطائف في لبنان”، مؤكدا “ضرورة السير بـالاصلاحات الأخرى التي وردت في الطائف ولم تطبق كاللامركزية الإدارية وغيرها، ولا مانع من أن تناقش بهدوء بعيدا عن التوترات الطائفية الآنية والتي تهدف لحرف المسار عن إنتخاب الرئيس”.
وختم: “المعركة الكبرى ليست الآن في صلاحيات الرئاسة الواضحة دستوريا وسياسيا، المشكلة في إنتخاب الرئيس ولاحقا تشكيل حكومة ذات مصداقية تطلق الإصلاحات المطلوبة، للبدء بالانقاذ الاقتصادي والمالي. لكن لا معنى لكل هذا اليوم إذا لم ننتخب رئيسا للجمهورية”.
مطر
وأكد المطران مطر في كلمته “اننا نعرف ان لبنان له خصائص في عيشه المشترك والسوي بين المسلمين والمسيحيين وهو مثال يحتذى في العالم كله. نجحنا في تركيز بلادنا تركيزا حقيقيا. وما يؤكد لي امكانية لبنان ووجود هذا الوجود، ما نقرأه جميعا عن اول دستور للدولة للاسلامية في المدينة، حيث يقول النبي العربي: ان المسلمين والمؤمنين امة واحدة. المسلمون نعرف من هم سموا بإسمهم، والمؤمنون كانوا اهل الكتاب. ان نكون أمة واحدة في هذا الدستور، يعني ان نستطيع ان نبني لبنان دولة واحدة ووطنا واحدا”.
أضاف: “امر ثان حول العروبة. نعرف تاريخ العرب جميعا، العرب العاربة والعرب المستعربة. العروبة دخلت مناطق كل الشرق، ودخلت الى حضارات تفاهمت معها اغنتها واغتنت منها. والتزمنا كلنا بهذه العروبة الحضارية الواسعة التي لها رسالة خاصة بالعيش الواحد بين المسلمين والمسيحيين، في كل دول من دولنا.
قداسة البابا فرانسيس هو اليوم في البحرين مع امام الازهر الشيخ احمد الطيب، بدعوة من جلالة الملك، ليؤكد مرة ثانية الانطلاقة الكبيرة التي انطلقت عبر وثيقة ابو ظبي حول الاخوة الانسانية. نحن كنا نقول الانسان هو اخ لك في الدين او نظير لك في ال…. وهذا كلام جيد جدا. ولكن ان نقول اننا جميعا اخوة في الانسانية فهذه قمة من قمم الروح. ونحن في لبنان اخوة في الوطنية، اخوة في العروبة واخوة في الانسانية.
نرجو من جميع اللبنانيين ان يضعوا خلافاتهم كلها تحت سقف الاخوة، عندها يصبح كل شيء ممكنا. نحن شعب واحد ومصير واحد عبر مئات السنين، والطائف بنى لنا امورا اساسية. لبنان له ثوابته وله متغيراته. الثوابت هي العيش المشترك والحرية والديموقراطية والكرامة لجميع الناس. هذه ليست لطائفة وحدها دون سواها. الكرامة والمساواة والحرية للجميع. افضل نظام سياسي خاضع للتغيير ضمن حوار يجب ان لا يتوقف. الحوار كالدورة الدموية، اذا توقفت مات الجسم كله. الحوار واجب علينا بمحبة وبأخوة. ونحن واثقون بأن الشعب اللبناني طيب، وبان رجالا كثر هم بيننا الآن يستطيعون انقاذ لبنان”.
وقال مطر ردا على سؤال حول موقف البطريركية المارونية الحقيقي من اتفاق الطائف: “البطريرك الصفير كان في روما واتصل به الفرنسيون والطليان وقالوا اتفاق الطائف فرصة للجميع ولعودة لبنان الى ذاته والبطريرك اقتنع بذلك والطائف واقع. ربما نطمح نحو الاسمى ولكن نبقى في الواقع. فإذا انطلقنا من الطائف حرام على لبنان ان يضيعها وعودتنا الى الطائف هي فرصة حقيقية للبنان وليس لنا فرصة الا مرورا بها”.
وفي نهاية الجلسة الأولى من المؤتمر، قدم بخاري درعا تكريمية وميدالية من وزارة الخارجية السعودية للابراهيمي لجهوده على صعيد إرساء الوفاق في لبنان والتوصل الى صيغة الوفاق الوطني في الطائف وقبل الطائف.
وفي الجلسة الثانية، شارك كل من النائب غسان حاصباني، والوزير السابق ادمون رزق، والوزير السابق بطرس حرب، والوزير السابق طلال المرعبي، والبروفسور انطوان مسرة والدكتور نزار يونس بمداخلات على المنصة لاستكمال المنتدى.
حاصباني
وقال حاصباني: “إذا نظرنا الى الأهداف التي وضعت على أساسها وثيقة الوفاق الوطني في الطائف والاعمدة التي قامت عليها، من نهائية الكيان اللبناني أرضا وهوية وشعبا وبسط سيادة الدولة على مختلف أراضيها والتي كرست في الدستور برعاية المملكة العربية السعودية وبضمانات دولية ومن الامم المتحدة، وإذا نظرنا الى الممارسة وتطبيق الدستور اللبناني، فلا شك أن دستورنا صالح وتطبيقه هو الأساس بالرغم من النوايا التي رافقت ذلك من قوى داخلية او خارجية او قوى متحكمة بالوضع في لبنان”.
أضاف: “خلال مراحل مختلفة كان هناك خلل وتأخير في التطبيق، وهذا لا يعني ان الدستور ليس مناسبا، ولا شيء مثاليا في الوقت عينه، ولكن فلتطبق الوثيقة أولا وبناء عليه يمكن اجراء نقاش بشأنها. فشبه مستحيل ان يتم تحديد ثغرات او إشكاليات أي نص ما لم يتم تطبيقه بنوايا حسنة وبأفضل الطرق وبشكل كامل من كل الاطراف التي وضعته. من المهم ان نبقى باطار الوفاق الوطني الذي حصل وترجم دستورا”.
وختم: “نحن اليوم أمام فرصة مفصلية لتثبيت تطبيق هذا الدستور كجمهورية ديمقراطية برلمانية. فليتخذ مجلس النواب الخطوات اللازمة لتطبيقه”.
حرب
وقال النائب السابق بطرس حرب : “إن اتفاق الطائف صنعناه بكدنا وعرقنا وجهدنا وتعبنا ، ولذلك يشكل جزءاً من حياتنا ، عندما ذهبنا الى الطائف كان هناك كبير معنا هو الرئيس صائب سلام، الذي وقف في اول اجتماع للطائف وقال”نحن ممنوع علينا أن نفشل، فنحن إما ندمر لبنان وإما نبنيه”.
وأردف حرب:” نحن كانت نيتنا إنقاذ لبنان، ولاسيما أن صور جثث الضحايا والاطفال العائمة على مياه البحر كانت لا تزال في ذاكرتنا، هؤلاء الضحايا الذين قضوا جراء القدائف التي أصابت البواخر التي كانت تنقل الناس هربًا من القصف، من السهل أن ينتقد البعض الطائف، لكن لم يكن سهلًا ما كان يعانيه الشعب يومها من قتل وقصف وتدمير للبنان الذي كانت سيادته مداسة ، وكان همنا أن نخلص لبنان من تلك المحنة.
نحن لم يكن لدينا خياراً، فإما أن نترك لبنان كما هو وإما أن ننقذه، وطبعًا كان قرارنا انقاذ لبنان، والسؤال الكبير الذي يسأل دائماً كيف تنازلتم عن صلاحيات رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء؟ أجيب فأقول:أولًا ، فلنذكر بالتاريخ، في سنة ١٩٤٣ عندما أعلن استقلال لبنان، اجتمع النواب، في المجلس على عجل، وأزالوا من الدستور كل المواد المتعلقة بالانتداب، لكنهم لم يبحثوا إطلاقًا كيفية حكم لبنان بعد زوال الانتداب الفرنسي، والذي كان (أي الانتداب) قد وضع دستور مرجح بالمطلق، ووضع نظامًا شبه رئاسي وأعطى رئيس الجمهورية كل الصلاحيات والتي هي غير موجودة حتى لرئيس جمهورية أميركا اليوم، آنذاك كان لا بد من أن ينتج عن هذا الامر مع الممارسة مطالبات بتعديل الدستور بشكل أن يتشارك اللبنانيون جميعًا في الحكم في لبنان ، وكانت طبعًا المباحثات الماضية التي جرت بين المسؤولين اللبنانيين مسيحيين ومسلمين للوصول الى صيغة معينة بدءا بالصيغة الدستورية التي وضعها الرئيس سليمان فرنجية آنذاك انتهاءا بالوثائق العديدة التي أصبحت لاحقًا على أيام الرئيس أمين الجميل، كان لا بد أن نصل ، نتيجة ما طرح آنذاك ، الى صيغة جديدة .
وهذه الصيغة كان لا بد من أن تتنازل جميع الاطراف عما لديهالمصلحة لبنان، وليس لمصلحة أي طرف آخر. كل تنازل حصل، كان لمصلحة لبنان، وصلاحيات رئيس الجمهورية تحولت الى مجلس الوزراء مجتمعًا مسيحيين ومسلمين بالتساوي وهذا يعني أنه لم يكن هناك تنازل، بل كان هناك تكيف مع الممارسة التي حصلت قبل الطائف ، فقبل الطائف كان هناك الكثير من الامور الممنوحة دستوريًا لرئيس الجمهورية ولكن لم يكن ليمارسها ، وكان الدستور يقول أن يعين رئيس الجمهورية مجلس الوزراء ويختار منه الرئيس، لكن هذا لم يحصل فهو كان يقوم بالاستشارات النيابية، يسمي رئيس الحكومة ، ورئيس الحكومة يقوم بالاستشارات ، وكان هذا كله مخالف للدستور ، ولكنه أصبح عرفاً دستوريًا ، واتفاق الطائف جاء ليغير بالمعطى العام للنظام السياسي اللبناني الا أنه كرس العرف الذي كان ممارساً ما قبل الطائف”.
اضاف:” انا كنت في الطائف وشاركت فيه وكنت في “لجنة العتالة” كما اسموها، وشاركت في لجنة الصياغة”.
وتابع:” أنا أقول هناك ثغرات في اتفاق الطائف ولكن في ذلك الظرف ، لم يكن من الممكن سد كل الثغرات ، لذلك تقدمت بأكثر من مذكرة الى الرئيس الياس الهراوي ،والى الرئيس رفيق الحريري، رحمهما الله، تضمنت ملاحظاتي حول الثغرات التي يجب معالجتها وتبين في ما بعد، أن الممارسة أثبتت صحة ملاحظاتي حول الثغرات لذلك أقول وأكرر أن إتفاق الطائف ليس قرآناً منزلاً وليس انجيلاً مقدسًا لا يجوز مسه، الطائف قابل للتعديل إنما ضمن إطار المبادئ الوطنية التي قام عليها لبنان وهي وحدة لبنان ، عروبة لبنان ولا توطين في لبنان”.
االمرعبي
ودعا المرعبي إلى “إنشاء مجلس شيوخ وإلغاء الطائفية السياسية لا العمل بالترويكا”.
وشكر “السعودية التي ترعى اتفاق الطائف ولبنان من دون مقابل، وتسعى فقط الى فرض الاستقرار”.
رزق
بدوره ، رأى رزق ، أن “ما نشهده أن جوهر الاتفاق شراكة حضارية في نظام حر”. ولفت إلى أن “لا إكراه في الوطنية كما في الدين”.